للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السبكى، واستقرّ به قاضى قضاة الشافعية، عوضا عن برهان الدين بن جماعة، وخرج ابن جماعة فى ذلك اليوم إلى القدس بطّالا.

وفيه قدم البريد وأخبر بوفاة نائب حلب، بعد رجوعه من محاربة ابن ذلغادر، فلم يظفر به، فثنى عزمه إلى نحو بلاد ابن أوزر، فداس بيوته، ففرّ منه إلى الجبل، فعاد إلى تلّ حمدون بريد مدينة مرعش، فمرض هناك مرضا مهولا، فعاد إلى حلب، فمات بها.

وفى شهر ربيع الأول، فيه فوّض قاضى القضاة بدر الدين محمد بن أبى البقا السبكى الشافعى، أمانة الحكم، إلى شهاب الدين أحمد الزركشى؛ وفوّض نظر أوقاف مصر العتيقة، إلى شمس الدين محمد بن الوحيد؛ وفوّض نظر أوقاف القاهرة، إلى جمال الدين محمود العجمى، المحتسب؛ واستناب فى الحكم تقىّ الدين عبد الرحمن الزبيرى، أحد موقّعى الحكم؛ وأقرّ صدر الدين محمد المناوى، وعمر بن رزين، على خلافة الحكم؛ وجاء بدر الدين فى القضاء على الأوضاع الشرعية، وفاق من تقدّمه فى القضاء.

وفيه شرع الأمير، مشير المملكة، جركس الخليلى، [فى] (١) عمل جسر بين الروضة وبين جزيرة أروى، طوله ثلثماية قصبة، وعرضه عشر (٢) قصبات؛ وحفر فى وسط مجرى النيل خليجا إلى الزربية، وقصد بذلك ليعود الماء أيام النيل، إلى البرّ الشرقى، ويستمرّ جاريا بطول السنة.

فكان الأمير جركس يحمل التراب فى قفّة بنفسه، هو ومماليكه، بسبب عمل هذا الجسر، فأنفق على عمله مالا له صورة، وأصرف ذلك من ماله دون مال الأمراء؛ فما (٣) تمّ أمر هذا الجسر، فظنّ أنّ ذلك يتمّ له، وكان البحر فى تلك السنة قد احترق احتراقا زائدا، فجعلوا فى ظاهر هذا الجسر خوازبق خشب سنط، كل خازوق طوله نحو ثمانية أذرع، وسمّر عليهم أفلاق خشب نخل، وردم عليهم بالتراب، وانتجز (٤) العمل من هذا الجسر فى مدّة شهرين، وكانت همّة عالية، مع المصروف الزائد.


(١) [فى]: تنقص فى الأصل.
(٢) عشر: عشرة.
(٣) فما: فلما.
(٤) وانتجز: كذا فى الأصل، ويعنى: وانتهى. ويلاحظ الأسلوب العامى فى هذه العبارة.