للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه قبض على الطواشى مثقال الجمالى، الزمام، وضرب ضربا مبرحا بسبب إظهار ذخائر الأشرف شعبان، فأظهر فى مكان بالقلعة، من دور الحرم، عدّة صناديق، وجد فى بعضها ثلاثين ألف دينار ذهب عين، ووجد فى بعضها خمسة عشر ألف دينار فضّة، ووجد برنيّة ضمنها فصوص ياقوت أحمر، وماس، وعين الهرّ، وبلخش، وفيروز، وحبّات لؤلؤ كبار؛ ووجدت له أوراق عند بعض جواريه، بخطّ يده، تتضمّن أماكن أودع فيها الأموال، فلم يجدوا بها شيئا، وقد أخذ ذلك بعد موته.

وفيه، فى يوم الأربعاء ثانى عشرينه، قدم من القدس قاضى القضاة برهان الدين إبراهيم بن جماعة، فخرج الأمير بركة إلى لقائه، وسار صحبته حتى مطلع إلى الأتابكى برقوق، فقام له وأجلّه. - ثم فى يوم الخميس ثالث عشرينه أخلع عليه، واستقرّ فى قضاة القضاة على عادته، فلما أفيض عليه التشريف، ونزل من القلعة، ركب قدّامه ثلاثة عشر أميرا، منهم الدوادار الكبير، وركب قدّامه أعيان الناس من المباشرين، وغير ذلك، وزيّنت له فى ذلك اليوم القاهرة، وأشعلت له الشموع والقناديل على الدكاكين، وكان يوما مشهودا إلى الغاية.

وفيه رسم الأمير بركة بقتل الكلاب، وكانت قد كثرت فى الشوارع والأزقّة، فقرّر الأمير بركة على كل أمير بالقاهرة عددا من الكلاب، وألزم أهل الضواحى بمثل ذلك، وألزم أرباب الحوانيت بأن يحضر كل صاحب حانوت كلبا، فجمعوا منهم (١) نحو ثلاثين ألف كلب، فقتل منهم جانبا، ونفى (٢) منهم جانبا إلى برّ الجيزة؛ فلما فعل ذلك لم يفلح وأخذ فى سنته، ونفى، وقتل عقيب ذلك بثغر الإسكندرية، كما سيأتى الكلام (٣) على ذلك فى موضعه.

وفيه توفّى الشيخ الصالح المعتقد سيدى صالح الحريرى، ودفن بجزيرة أروى.

وفى شهر ربيع الأول، فى رابعه، أخذ قاع النيل فكان ستة أذرع وعشرين


(١) منهم، يعنى من الكلاب.
(٢) ونفى: ونفا.
(٣) الكلام: كلام.