للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فبعث إليهم الأمير أينبك بأخيه الأمير قطلو خجا، ومعه نحو مائتى مملوك، فلقيه القوم وقاتلوه وأخذوه أسيرا؛ فبعث إليهم جماعة من الأمراء، فاتّقعوا معهم، فكان بين الفريقين وقعة (١) مهولة، فانكسر من كان من عصبة أينبك من الأمراء، فاستمرّوا يسوقون (٢) خلفهم إلى الرملة، فكان بينهما وقعة (١) أعظم من الأولى، وقتل من الفريقين جماعة كثيرة، وسال الدم بينهما كالماء.

وآخر الأمر انكسر الأتابكى أينبك، وهرب إلى نحو الكيمان، التى (٣) بمصر العتيقة، فساق خلفه الأمير أيدمر الخطاى، ومعه جماعة من الأمراء والعسكر، فلما أدركه دخل بين الكيمان، ونزل عن فرسه، وأرمى لبسه، وهرب وهو ماشى (٤) على أقدامه، فاختفى فى تربة هناك، فلم يعلم له خبر؛ وفيه يقول شهاب الدين أحمد بن العطّار المصرى:

من بعد عزّ قد ذلّ أينبك … وانحطّ بعد السموّ من فتكا

وراح يبكى الدماء منفردا … والناس لا يعرفون أين بكا

فلما انكسر الأتابكى أينبك وهرب، رجع الأمراء الذين (٥) ساقوا خلفه. - ثم إنّ الأمير قطلو آقتمر الطويل، ضرب رنكه على بيت الأمير أحمد بن الأتابكى أينبك، وملك جميع ما فيه، وطلع إلى القلعة، وسكن فى بيت أينبك، الذى بالاصطبل السلطانى، وظنّ أنّ الوقت قد صفا له.

فلما كان باكر الغد، من يوم الثلاثاء رابعه، اجتمع الأمراء بباب السلسلة، وضربوا مشورة فيما يكون من أمر الأمراء الذين (٥) هم من عصبة الأتابكى أينبك، فدار بينهم وبين الأمير قطلو آقتمر الطويل، كلام، آل إلى اختلافهم، وقد أغلظ عليهم فى


(١) وقعة: كذا فى الأصل.
(٢) يسوقون: يسقوا.
(٣) التى: الذى.
(٤) ماشى: كذا فى الأصل.
(٥) الذين: الذى.