للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما طلع إلى القلعة، ودخل على السلطان، ابتهج بقدومه، وبالغ فى إكرامه، وأخلع عليه، واستقرّ به فى نيابة السلطنة بمصر، والأتابكية، وفوّض إليه نظر الأحباس، والأوقاف، وجعل إليه النحدّث فى الوزارة، ونظر الخاص، وأن يخرج إقطاعات الحلقة ما عبرته ستمائة دينار إلى ما دونها، ويعزل من أرباب الدولة، وأصحاب المناصب من شاء، ويولّى من شاء، ويقرّر فى سائر أعمال المملكة من أراد، ويخرج إمريات الطبلخانات والعشرات فى البلاد الشامية، وينعم بها على من يريد.

وقرئ تقليده بالنيابة فى الإيوان، المعروف بدار العدل، من القلعة، بحضرة السلطان والأمراء وسائر أرباب الدولة، وفيه أنّ السلطان قد أقامه مقام نفسه فى كل شئ بيده، وفوّض له ما فوّض إليه الخليفة من سائر أمور المملكة.

ثم خرج فجلس بدركاة باب القلّة، وجلس الوزير بين يديه، وقعد موقّعين الدست (١) لإمضاء ما يرسم به؛ ورفعت إليه القصص من ديوان الجيش وغيره، فنظر فى الأمور نظر مستبدّ بها، فعظم أمره جدّا، فكان كما يقال فى المعنى لبعضهم:

ملك إذا قابلت بشر جبينه … رجعت وذاك البشر فوق جبينى

وإذا لثمت يمينه وخرجت من … أبوابه لثم الملوك يمينى

وفيه، فى سادسه، خلع على بكتمر العلمى، حاجب الإسكندرية، وقرّر فى نقابة الجيش؛ وأنعم على بيبغا السابقى الخاصكى، بإمرة طبلخاناة، وأنعم بمثلها على الأمير بيبغا القوصونى كذلك - وفيه فشت الأوبئة بثغر الإسكندرية، وغيرها من بلاد الوجه البحرى.

وفى شهر ذى القعدة، فيه خلع على الأمير يلبغا الناصرى، واستقرّ حاجبا ثانيا، أمير مائة مقدّم ألف. - وفيه أنعم على الأمير بلاط السيفى، بإمرة طبلخاناة؛ وأنعم على مغلطاى الجمالى، وكبك الصرغتمشى، بإمرة عشرة.

وفيه توفّى القاضى صدر الدين محمد بن السكرى، قاضى الحنفية بثغر الإسكندرية، فلما مات لم يستقرّ أحد عوضه. - وتوفّى الأمير أرغون اللاّلا (٢)، نائب الإسكندرية؛


(١) موقعين الدست: كذا فى الأصل.
(٢) اللالا: الالا.