للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه اتّفق أنّ الخواجا ناصر الدين محمد بن مسلم، كبير التجّار بمصر، سافر إلى قوص فى حاجة له بسبب متجره، فأشاع ولده بين الناس موته، وعمل عزاءه (١)، ثم اجتمع بالسلطان وسأله أن يقوم عوضا عن أبيه، فى المتجر، ووعده بخمسين ألف دينار، فخلع عليه، ونزل إلى داره، فأخذ فى حمل ما وعد به من المال؛ فبينما هو فى ذلك، إذ قدم كتاب أبيه من قوص، بأنّه فى قيد الحياة، فسرّ عياله بذلك.

ثم إنّ أصحابه كاتبوه بما كان من ولده، فلما بلغه ذلك بادر إلى الحضور إلى القاهرة، واجتمع بأرباب الدولة، وسعى إلى عوده كما كان فى المتجر؛ فأجيب إلى ذلك، وخلع عليه، واستمرّ على عادته، وحوسب بما أورده ولده مما عليه للديوان، وأخذ بذلك رجعه. فكانت هذه الواقعة من أشنع ما يقع من الأولاد فى حقّ الأبّهات (٢).

وفيه قدمت الأخبار من حلب بأنّ جماعة عربان بنى كلاب كثر فسادهم، وصاروا يقطعون الطريق فيما بين حماة وحلب، وأخذوا بعض جمال من الحجّاج، فخرج إليهم نائب حلب، وحاربهم، وأخذ مواشيهم وجمالهم، فكان بينهم أمور شنيعة، وقتل من الفريقين ما لا يحصى عددهم.

وفى شهر ذى الحجّة، فى يوم الجمعة ثامنه، قدم الخبر من ثغر الإسكندرية، بنزول أربع قطائع، فيها جماعة كثيرة من الفرنج، ورموا على المدينة بالمدافع، فلما بلغ السلطان هذا الخبر، عيّن من الأمراء عشرين أميرا، منهم ثلاثة أمراء مقدّمين ألوف (٣)، والبقية أمراء طبلخانات وعشرات.

ثم فى عشيّة يوم السبت قدم الخبر بأنّ جماعة من المغاربة والتركمان، الذين (٤) بالإسكندرية، نزلوا فى المراكب وقاتلوا الفرنج، فقتلوا منهم نحو مائة إنسان، وغنموا منهم مركبا فيها أشياء بجملة مال.


(١) عزاءه: عزاه.
(٢) الأبهات: كذا فى الأصل، ويعنى الآباء
(٣) مقدمين ألوف: كذا فى الأصل.
(٤) الذين: الذى.