للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبأيديهم المقاليع بالحجارة، فألقى الله تعالى الرعب فى قلوب المماليك اليلبغاوية، ومن كان معهم من الأمراء والعسكر؛ فلم يطبّوا طبّة، وغلّت أيديهم، فولّوا مدبرين، بعد أن وقع بين الفريقين وقعة (١) شنيعة، وقتل فيها جماعة من المماليك.

وطالت المعركة بينهما إلى وقت الظهر، فولّى الأمير أسندمر إلى بيته الذى بالكبش؛ وقبض على جماعة من أصحابه، وهم: الأمير قرمش الصرغتمشى، والأمير آقبغا آص الشيخونى، والأمير أرسلان خجا؛ فلما قبضوا عليهم، سجنوا بخزانة شمايل.

ثم ركب الوالى ونادى فى القاهرة: «من قدر على مملوك من مماليك يلبغا الأجلاب، فله سلبه، ويعطى من المال ما هو كيت وكيت»، فتتبّعت العامّة مماليك يلبغا فى الاصطبلات والأزقّة والحارات، وصاروا كل من لاح لهم منهم [يقبضوا عليه ويحضروه] (٢) إلى عند الوالى.

ثم إنّ الأمير خليل توجّه إلى بيت الأتابكى أسندمر، وطلع به إلى القلعة ليقيّد ويسجن، فشفع فيه جماعة من الأمراء، وأعلموا السلطان أنّه تحت القهر من مماليك يلبغا، ولا يقدر على مخالفتهم، فقبل السلطان شفاعتهم؛ وأخلع على الأتابكى أسندمر باستمراره على عادته فى الأتابكية، ونزل فى موكب حفل إلى داره، ولم يعلم ما وراء ذلك، فكان كما قيل فى المعنى:

أنطمع أن يبقى السرور لأهله … وهذا محال أن يدوم سرور

وتقضى الليالى باجتماع وفرقة … ويحدث من بعد الأمور أمور

فلما نزل الأتابكى أسندمر (٣) إلى داره التى بالكبش، وصحبته الأمير خليل بن قوصون، وتحالفا: الأتابكى أسندمر، والأمير خليل، على أنّ الأمير أسندمر يقبض على السلطان، ويسلطن الأمير خليل عوضه، فإنّه كان ابن بنت السلطان الملك


(١) وقعة: كذا فى الأصل.
(٢) يقبضوا عليه ويحضروه: كذا فى الأصل.
(٣) أسندمر: أمسندمر.