للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم تجمّع أكابرهم فى ليلة الأحد واتّفقوا على قتل السلطان والأتابكى أسندمر، وتحالفوا على ذلك، وأنهم يقيموا لهم سلطان جديد (١)، ودولة غير هؤلاء (٢) الأمراء، فركبوا تحت الليل وقصدوا القلعة.

فلما بلغ السلطان هذا الخبر، أمر بدقّ الكوسات بالقلعة، ليجتمع الأمراء والعسكر فى الرملة؛ ثم نادى فى القاهرة بركوب أجناد الحلقة، وأنّ العامّة تطلع إلى الرملة، وتقاتل مماليك يلبغا بالحجارة.

وكانت الناس حاملة منهم لقبح سيرتهم، وكثرة فسادهم، وكانوا مماليك يلبغا قد جاروا على الناس، وصاروا يهجمون على النّساء فى الحمّامات، ويخطفون الصبيان المرد من الأسواق، ويخطفون القماش والبضائع من على الدّكاكين؛ فتعصّبوا عليهم الناس قاطبة.

ثم إنّ الأمير خليل بن قوصون ركب معه المماليك السلطانية، ثم ركب الأمير أسنبغا الأبوبكرى، والأمير قشتمر المنصورى، وآخرين (٣) من الأمراء، فلما طلعوا إلى الرملة، اتّقعوا (٤) مع المماليك اليلبغاوية، فكان بينهم وقعة (٥) مهولة، وتناولتهم العامّة بالرجم بالحجارة، وتقدّم إليهم المماليك السلطانية، وأجناد الحلقة، وقاتلوهم، فكسروهم كسرة قويّة، حتى هزموهم إلى الصليبة.

فتوجّهوا إلى بيت الأتابكى أسندمر الذى بالكبش، وقالوا له: «قم واركب معنا»، وما زالوا به حتى ركب معهم فى عسكر كثير من المماليك اليلبغاوية، فطلع من على القرافة، وأتى من وراء القلعة، كما فعل تلك المرّة الأولى، «وما كل مرّة، تسلم الجرّة».

فلما أتى أسندمر من وراء القلعة، أقبل بمن معه من المماليك اليلبغاوية، زمرا، زمرا، ونزل من رأس الصوّة، فلاقاه الجمّ الغفير، والسواد الأعظم من الزعر والعامّة،


(١) يقيموا لهم سلطان جديد: كذا فى الأصل.
(٢) هؤلاء: هولاى.
(٣) وآخرين: كذا فى الأصل.
(٤) اتقعوا مع: اتقعوا من.
(٥) وقعة: كذا فى الأصل.