للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى دارك»، فخرج من قاعة النحاس بعد المغرب، فلما أن وصل إلى سلّم المدرّج، قدّموا له الفرس ليركب، فمنعوه مماليكه من الركوب، وأخذوه وهو ماشى مشحطط بينهم.

فلما وصلوا به إلى رأس الصوّة عند الحوض الكبير، تقدّم إليه شخص من مماليكه، يقال له قراتمر، فضربه بالسيف، فأرمى رأسه عن جثّته، فأخذها بعض مماليكه، ووضعها فى مشعل، وقد أضرم ناره، ونزلوا بها من الصليبة، وتوجّهوا بها إلى داره التى فى الكبش.

فلما طلع النهار، أحضروا رأسه بين يدى السلطان، وكان الأمير يلبغا له خلف أذنه سلعة، فلما رأوا تلك السلعة، لم يشكّوا فى قتله؛ ثم بقى جسده مرمى (١) فى رأس الصوّة، والناس ينظرون إليه؛ ثم إنّ الأمير طشتمر الدوادار أخذ رأسه وجثّته، وغسّله وكفّنه، وصلّوا عليه، ثم توجّهوا به إلى تربته التى بالصحراء، فدفن بها؛ وكانت قتلته فى ليلة الأحد تاسع شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وسبعمائة، وفيه يقول الشهاب بن العطّار:

أتاك على يديك (٢) الموت لما … ظهرت بما نهاك الشرع عنه

فلا تعتب سواك على الذى قد … بليت به فدود الخلّ منه

وقوله:

بدا شقاء يلبغا وعدّت … عداه فى سفنه إليه

والكبش لم يفده وأضحت … تنوح غربانه عليه

وقوله:

حواشى يلبغا كانوا زناة … فلا تعجب إذا رجموا جهارا

ولا عجب إذا سكروا بحرب … فأهل الكبش ما برحوا سكارى

وكان الأتابكى يلبغا أميرا جليلا، معظّما مبجّلا، وافر الحرمة، نافذ الكلمة،


(١) مرمى: كذا فى الأصل.
(٢) يديك: يداك.