للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومشى عليهم هذه الحيلة؛ وكانت من أحسن التراتيب فى الحيل فى هذا الأمر.

فتسلّم الفرنج هؤلاء الجماعة، ونزلوا من المراكب، وقدموا إلى القاهرة، وطلعوا إلى القلعة، وقابلوا السلطان، فوجدوه قد سرح، وتوجّه إلى كوم برا بالجيزة، فتوجّهوا إليه الفرنج إلى هناك.

فعمل السلطان الموكب، وجلس فى خيمة معظّمة، على سرير مذهّب، والأتابكى يلبغا بين يديه، والأمراء والحجّاب قياما بين يديه؛ فدخلوا عليه الفرنج وهو فى ذلك الموكب، فهالهم أمره، وظنّوا أنّ الأتابكى يلبغا هو السلطان، فإنّ السلطان كان شابا صغيرا كما بدا عذاره، والأتابكى يلبغا شيخ (١) بلحية بيضاء طويلة، فقيل للفرنج هذا من بعض أمراء السلطان.

ثم إنّ الفرنج كشفوا عن رءوسهم وخرّوا على وجوههم، وقبّلوا الأرض بين يدى السلطان، ثم قاموا ودنوا من السلطان، وناولوه كتاب ملكهم.

ثم قدّموا ما كان معهم من الهديّة، ففرّق ذلك على الأمراء بحضرة السلطان؛ واختار السلطان من تلك الهديّة طستا وإبريقا من البلّور، مزيّكا بالذهب، واختار صندوقا لم يعلم ما فيه.

ثم قرأوا كتاب ملكهم، فكان من مضمونه أنّ ملك الفرنج أرسل يقول (٢) إنّه تحت طاعة السلطان ومساعده على متملّك قبرص (٣)، حتى يردّ ما عنده من أسراء (٤) المسلمين الذين (٥) أخذوا من ثغر الإسكندرية، كما تقدّم ذكر ذلك.

ثم إنّ ملك الفرنج أرسل يسأل فضل مولانا السلطان، بأن يفتح كنيسة القيامة (٦) بالقدس، فإنّها كانت قد غلقت من حين ملكت الفرنج ثغر الإسكندرية، فأجابه السلطان إلى ذلك.


(١) شيخ: كذا فى الأصل.
(٢) يقول: يقل.
(٣) قبرص: قبرس.
(٤) أسراء: كذا فى الأصل.
(٥) الذين: الذى.
(٦) القيامة: القمامة.