للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم عاد العسكر وهو منصور على العرب، فدخلوا فى موكب حفل وقدّامهم أمراء الكنز، وأمراء العكارمة، وهم فى الحديد، وبقيّة الأسراء (١) فى حبال؛ فلما عرضوا على السلطان، أمر بسجنهم أجمعين، وخلع على الأمير آقتمر عبد الغنى خلعة سنيّة وزيّنت لهم مصر العتيقة، وقناطر السباع، والصليبة، وغير ذلك من الشوارع.

وفى شهر رجب، قدم القاضى تاج الدين عبد الوهاب بن السبكى، قاضى قضاة دمشق، وقد قدم إلى مصر باستدعاء من السلطان؛ فأقام بمصر مدّة، ثم خلع عليه السلطان، وأعيد إلى قضاء دمشق على عادته، فسافر فى ذلك الشهر إلى دمشق.

وفيه وردت الأخبار من مكّة المشرّفة بوفاة قاضى القضاة الشافعى عزّ الدين عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكنانى الحموى الشافعى؛ ولد فى المحرم سنة أربع وتسعين وستمائة بدمشق، وكانت وفاته بمكّة يوم الاثنين ثانى عشر جمادى الآخرة من هذه السنة، وكان عالما فاضلا، سمع على جماعة كثيرة من العلماء، وقرأ الحديث والفقه، وأفتى ودرّس وخطب، وولى القضاء بديار مصر تسعا وعشرين سنة، وسار فى القضاء أحسن سيرة، وأجمل طريقة، وكان خيّرا ديّنا، صلبا فى الأمور الشرعيّة، لا يقبل فى الحقّ رسالة من سلطان ولا أمير، وكان عفيفا عن الرشوة، فى درجة الأقطاب، مباركا صالحا، ترك القضاء باختياره، وتوجّه إلى مكّة، فأقام بها إلى أن قضى (٢) نحبه، رحمة الله عليه؛ وفيه يقول بعض الشعراء هذه المداعبة اللطيفة، وهو قوله:

قاضى القضاة المفدى … له الأمور مطاعة

سألت من هو أبوه … فقيل لى ابن جماعة

[وفيه قدم الأمير حيار بن مهنا، أمير آل فضل، من عربان حماة، وكان له مدّة وهو عاص على السلطان، فلما حضر أخلع عليه وأقرّه على عادته فى إمرة آل فضل] (٣).


(١) الأسراء: كذا فى الأصل.
(٢) قضى: قضا.
(٣) وفيه قدم … آل فضل ورد هذا الخبر فيما سبق ص ٦١ آ.