ثم وردت الأخبار بأنّ الأمير منجك اليوسفى، بعد أن ملك مدينة غزّة، رحل عنها لما سمع بمجئ السلطان، فعاد إلى دمشق.
ثم وردت من بعد ذلك الأخبار بأنّ السلطان، والأمراء، والعسكر، وصل إلى دمشق، وخيّموا بظاهرها؛ فلما أقام السلطان بالمخيّم، جاء إليه أكثر أمراء دمشق، وعساكرها، ودخلوا تحت طاعة السلطان، فلم يبق مع الأمير بيدمر الخوارزمى، نائب الشام، سوى الأمير منجك، والأمير أسندمر، وقد طلعوا إلى قلعة دمشق وتحصّنوا بها.
ثم صارت القضاة والعلماء تتردّد بين الفريقين فى أمر الصلح، حتى تقرّر الحال بأنّ الأمير يلبغا، أمير كبير، أرسل صورة حلف إلى بيدمر، نائب الشّام، ومن معه من الأمراء، فعند ذلك اطمأنوا إليه، ونزلوا من قلعة دمشق.
وفى صبح يوم الاثنين تاسع عشرين شهر رمضان، ركب السلطان بعساكره، ودخل إلى دمشق من غير مانع، وقبض على بيدمر الخوارزمى، نائب الشام، والأمير منجك اليوسفى، والأمير أسندمر، وقيّدوا أجمعين.
فأنكر ذلك قاضى القضاة جمال الدين يوسف بن محمد المرداوى الحنبلى، قاضى دمشق، وتوجّه إلى عند الأمير يلبغا، وقال له:«لم يقع الصلح على هذا الذى فعلته»، فاعتذر إليه يلبغا بأنّه ما قصد بهذا إلا إقامة حرمة السلطان، ثم وعده بالإفراج عنهم عن قريب؛ ثم إنّ الأمير يلبغا أرسل بيدمر، نائب الشام، والأمراء الذين (١) كانوا صحبته، إلى ثغر الإسكندرية، من هناك، فسجنوا بها.
ثم إنّ الأتابكى يلبغا أخلع على الأمير علاء الدين على الماردينى، واستقرّ به نائب الشام، عوضا عن بيدمر الخوارزمى؛ واستقرّ بالأمير قطلوبغا الأحمدى، رأس نوبة النّوب، فى نيابة حلب، عوضا عن الأمير أحمد بن الأشقتمرى.
وفى شهر شوّال، فيه سار السلطان بعساكره من دمشق، يريد القاهرة.