للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إنّ السلطان لما سمع هذا القول، أرسل خلف الأمير أرغون العلاى، زوج أمّه، وقال له: «ما الخبر»؟ وكان الأمير أرغون ساكنا فى القلعة، فقال له أرغون:

«بلغنى أنّ الأمير ملكتمر الحجازى، والأمير أرغون شاه، وجماعة من الأمراء العشرات، قد توجّهوا إلى قبّة الهواء، وهم لا بسون (١) آلة الحرب».

فعند ذلك فتح السلطان باب الزردخاناة، وأخرج منها اللبوس، والسلاح، وفرّقها على المماليك، وأمر بشدّ الخيول.

ثم ركب، ونزل من باب السلسلة، ولم يكن معه غير مماليك صغار، جمدارية، ومن الأمراء: الأمير أرغون العلاى، زوج أمّه، والأمير قطلوبغا الكركى، والأمير أسندمر الكاملى، ومقدّم المماليك جوهر السحرتى (٢)، حامل الصنجق السلطانى.

فلما نزل السلطان من القلعة، مشى إلى تحت الطبلخاناة، ووقف هناك ساعة، ينتظر من يطلع له من الأمراء، والعسكر، فلم يطلع إليه أحد من العسكر، ولا من الأمراء؛ فلما طلعت الشمس، وتضحّى النهار، لم يطلع إليه أحد.

فلما طال الأمر عليه، دقّ الطبل حربى، ومشى إلى رأس الصوّة، فلاقاه الأمير أرغون شاه، والأمير قرابغا القاسمى، والأمير آقسنقر، واحتاطوا عليه، وضربوا به يزك (٣)؛ ووقع بين الفريقين القتال فى رأس الصوّة، فبرز إلى السلطان الأمير بيبغا أروس، فلاقاه الأمير أرغون العلاى، زوج أمّ السلطان، فضربه بيبغا أروس بطبر على وجهه، فسقط عن فرسه، فقبضوا عليه، وأسروه.

فلما رأى من كان حول السلطان، أنّ الأمير أرغون العلاى قد أسر، تسحّب أكثر من كان حول السلطان من المماليك، ولم يبق معه غير المماليك الجمدارية؛ فلما رأى السلطان عين الغلب، هرب فى أربعة من المماليك الصغار، فتوجّه إلى باب السلسلة.

فلما ولّى السلطان مهزوما، قبضوا على من كان معه من الأوجاقية، والخدّام،


(١) لابسون: كذا فى الأصل.
(٢) السحرتى: كذا فى الأصل.
(٣) يزك: كذا فى الأصل، ولعله يعنى أنهم التفوا حوله.