للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان سبب عود الأمراء والعسكر، وهو أن ورد كتاب [١] من نائب الشام، أنّ الملك الناصر تسلّم الشام، ودخل إليها فى موكب عظيم، وزيّنت له، وكان يوم [٢] دخوله يوما مشهودا، وأنّ جميع النوّاب دخلوا تحت طاعته، وحمل الأمير الحاج بهادر القبّة والطير على رأسه، وضجّ أهل الشام له بالدعاء، ونزل بالقصر الأبلق الذى بالميدان الكبير، فمدّ له هناك الأمير يلبغا السنجرى، نائب قلعة دمشق، مدّة عظيمة.

ثم إنّ الملك الناصر أخلع على الأمير آقوش الأفرم، وأقرّه نائب الشام، على عادته؛ وأخلع على الأمير أسندمر كرجى، وأقرّه نائب طرابلس، على عادته؛ وأخلع على الأمير بكتمر الجوكندار، وأقرّه نائب صفد، على عادته؛ وأخلع على الأمير تمر الساقى، وأقرّه نائب حمص، على عادته؛ وأخلع على الأمير على نائب حماة، وأقرّه على عادته؛ ثم حضر إليه الأمير قرا سنقر، نائب حلب، فأخلع عليه، وأقرّه على عادته فى نيابة حلب؛ وهؤلاء النوّاب كلهم منصورية، مماليك أبيه.

فلما كان يوم الجمعة، خطب باسم الملك الناصر على منابر دمشق وأعمالها؛ فلما تحقّق الملك المظفر ذلك اضطربت أحواله، وضاقت الدنيا عليه، ونسى حلاوة اللحم بمرارة الأشنان [٣]، كما قيل:

إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى … ظمئت وأى الناس تصفو [٤] مشاربه

فلما كان يوم الثلاثاء سادس عشر رمضان، دخل الأمير سلار، النائب، ومعه جماعة من الأمراء، إلى عند الملك المظفر، وقالوا له: «يا مولانا السلطان، إنّ غالب الأمراء والمماليك، توجّهوا إلى عند الملك الناصر، ووقع الاختيار على عوده، ومن الرأى أن ترسل إلى الملك الناصر تسأله فى مكان تتوجّه إليه أنت وعيالك، فلعله


(١) كتاب: كتابا.
(٢) يوم: يوما.
(١٥) الأشنان: كذا فى الأصل.
(١٦) تصفو: تصفوا.