للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطلب الموقّع، وسأله عن ذلك، فقال: «إنّ الأمير بلبان، الدوادار، رسم بذلك عن لسان السلطان»، فقال السلطان: «ينبغى أن يكون للملك كاتب سرّ، يتلقّى الكلام شفاها عن لسان السلطان».

وكان قلاون حاضرا ذلك المجلس، فوقعت هذه الكلمة فى أذنه، فلما تسلطن، أخلع على القاضى محيى الدين بن عبد الظاهر، واستقرّ به كاتب السرّ؛ فهو أول من تسمّى «كاتب السرّ»، وقد قال القائل فى المعنى:

عليك بكتم السرّ لا تفشينه … وما كان من عيب فقابله بالستر

فإن أخصّاء الملوك كثيرة … ولكن أحظاهم به كاتم السرّ

وموضوع هذه الوظيفة قراءة الكتب الواردة من البلاد، وكتابة أجوبتها، وتصريف المراسيم إلى سائر الآفاق لقضاء حوايج الناس، وكان كاتب السرّ يجلس بحضرة لسلطان لقراءة القصص.

وأحدث فى أيامه وظيفة «نظر الجيش»، وموضوعها النظر فى أمر الإقطاعات، ما يخرج منها وما يدخل إليها، وتحرير جزئيّاتها.

وأحدث فى أيامه وظيفة «نظر الخزانة»، وكانت وظيفة كبيرة جليلة، موضوعها أن يستوعب ما يخرج من بيت المال، وما يدخل إليه، وما يصرف فى أمور المملكة، وما يرد من البلاد الشامية وغيرها.

وأحدث وظيفة «وكالة بيت المال»، وكانت وظيفة جليلة، ولا يليها إلا من هو من ذوى العدالة المبرزة.

وأحدث فى أيامه «نظر الاصطبلات»، وموضوعها التحدّث فى الاصطبل الشريف، وعليق الخيول، وأمر مناخات الجمال، وما أشبه ذلك.

وأحدث فى أيامه «نظر كتابة المماليك»، وموضوعها معرفة أسماء الجند وأنسابهم، وقت العرض للأسفار، وعند تفرقة الجوامك والنفقات، وما أشبه ذلك.

ثم إنّ السلطان عزل الصاحب برهان الدين السنجارى، من الوزارة؛ واستقرّ بالقاضى فخر الدين بن لقمان، الذى كان كاتب السرّ أيام الملك الظاهر بيبرس.