للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمدّ له هناك مدّة حافلة وأحضر صقورا (١) وكلابا سلاق، وأرمى قدّام القاصد رماية هناك، وانشرح فى ذلك اليوم إلى الغاية. فبينما هو على ذلك وإذا بجماعة من العلماء والفقهاء من مجاورين (٢) جامع الأزهر وكانوا نحو مائة إنسان من طلبة العلم، فقال ملك الأمراء: ومن هؤلاء؟ فقيل له: جماعة من فقهاء جامع الأزهر لهم حاجة عند ملك الأمراء. فقال يحضر عندى جماعة من أعيانهم. فحضر بين يديه: الشيخ شمس الدين محمد اللقانى المالكى، والشيخ شمس الدين محمد المعروف بالديروطى الشافعى، والشيخ شهاب الدين أحمد الرملى، والدنجلى الشافعى، والشيخ شهاب الدين أحمد ابن الجلبى، وآخرون من العلماء. فلما اجتمعوا قالوا: يا ملك الأمراء قد أبطلتوا سنّة رسول الله فى أمر النكاح، وصرتوا تأخذوا على زواج البكر ستين نصفا وعلى زواج الامرأة ثلاثين نصفا، ويتبع ذلك أجرة الشهود ومقدمين (٣) الوالى وغير ذلك، وهذا يخالف الشرع الشريف، وقد عقد رسول الله على خاتم فضة وعلى ستة أنصاف فضة، وعقد على آية من كتاب الله تعالى، وقد ضعف الإسلام فى هذه الأيام، وتجاهرت الناس بالمعاصى والمنكرات وتزايد الأمر فى ذلك. ثم ذكروا له آيات من كتاب الله تعالى، وأحاديث عن رسول الله ، فلم يلتفت ملك الأمراء إلى شئ من ذلك، وقال للشيخ شمس الدين محمد اللقانى المالكى: اسمع يا سيدى الشيخ إيش كنت أنا؟ الخوندكار رسم بهذا. وقال: امشوا فى مصر على اليسق العثمانى. فقال له شخص من طلبة العلم يقال له الشيخ عيسى المغربى: هذا يسق الكفر. فحنق منه ملك الأمراء فرسم بتسليمه إلى الوالى يعاقبه، فتوجّهوا به إلى بيت الوالى ثم شفع فيه بعض الأمراء.

وفى عقيب ذلك اليوم توجّه إلى ملك الأمراء جماعة من النجّارين والقلافطة، ومعهم أعلام وعلى رءوسهم مصاحف وهم يستغيثون الله ينصر السلطان سليمان بن عثمان، فظن ملك الأمراء أنهم من فقهاء جامع الأزهر، ثم تبيّن أنهم نجّارون


(١) صقورا: سقور.
(٢) مجاورين: كذا فى الأصل.
(٣) ومقدمين: كذا فى الأصل.