للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووافق ذلك يوم عيد النحر، فحصل للناس مشقّة زائدة بهذه الزينة، واشتغلوا بذلك عن الأضحية والعيد، ووقع فى ذلك اليوم مطر غزير فأعدم قماش الناس الذى زيّنوا به، وصار الوالى يبطح الناس على الأرض ويضرب الذى ما زيّن دكانه، فما حصل على أحد من الناس خير. واستمرّت الزينة معلّقة إلى أن نزل ملك الأمراء وتوجّه إلى بولاق بسبب ملاقاة القاصد الذى حضر من البحر، ثم توجّه من بولاق وأتى من باب البحر وطلع من سوق مرجوش وشقّ من القاهرة وهى مزيّنة والقاصد صحبته، ومشى القاضى بركات المحتسب قدّامه بعصاه إلى أن طلع إلى القلعة، فأوقدوا له الشموع بالنهار على الدكاكين، فاستمرّ فى ذلك الموكب حتى طلع إلى القلعة، ثم فكّت الزينة فى ذلك اليوم ومضى أمرها.

وفى يوم السبت سادس عشره جلس ملك الأمراء فى المقعد الذى بالحوش وطلب قضاة القضاة الأربعة، فلما حضروا حضر القاضى حمزة قاضى ابن عثمان، فلما تكامل المجلس تكلّم ملك الأمراء مع القضاة فى أمر نوّابهم وما يفعلون وفى أمر الوكلاء، فوقع فى ذلك المجلس غاية ما يكون من اللغط. وكان القاضى حمزة فى ذلك المجلس أشدّ ما يكون على القضاة، وصار يقول لهم: نوابكم يفعلون ما هو كيت وكيت.

فجاء ملك الأمراء على القضاة بكل ما فيه بسبب نوّابهم، وقد كثروا، فتكلّم معهم ملك الأمراء فى ذلك، فوقع الاتّفاق فى المجلس بأن كل قاض من القضاة الأربعة يقتصر على سبعة من النوّاب لا غير، على عدد أيام الجمعة، والقاضى من النوّاب يجلس فى بيت قاضى القضاة فى نوبته ويسمع الدعوى هناك بمفرده، وأن القاضى إذا عقد عقد نكاح يأخذ على تزوّج البكر ستين نصفا وعلى تزوّج الامرأة الثيّب ثلاثين نصفا فيأخذ (١) العاقد شيئا والشهود شيئا والبقية تحمل (٢) إلى والى القاهرة، ولا يتزوّج أحد من الناس ولا يطلّق إلا فى بيت قاض من القضاة الأربعة، وأن الوكلاء تبطل قاطبة من باب المدرسة الصالحية. فانفضّ المجلس على ذلك وقامت القضاة،


(١) فيأخذ: فأخذ.
(٢) تحمل: يحمل: