يومه على جرايد الخيل وتوجّه إلى بلبيس وأقام بها. ثم أشيع أن الأمير قايتباى قد وقع بينه وبين شيخ العرب بيبرس بن بقر وكبس عليه تحت الليل، فهرب منه وأظهر العصيان، وتوجّه إلى نحو الطور وأقام به. [وأشيع أن قتل فى تلك المعركة شخص من المماليك الجراكسة يقال له أزبك الجازانى، وهو الذى كان قتل الجازانى بمكّة](١). فلما أظهر العصيان بيبرس بن بقر اضطربت أحوال الشرقية إلى الغاية، حتى أشيع أن ملك الأمراء يخرج إلى العربان بنفسه، فإن سبع طوائف من العربان تحالفوا كلهم على العصيان والخروج عن الطاعة، وهم: بنى عطية وبنى عطا وبنى حرام وغير ذلك من طوائف العربان المفسدين، ثم إن ملك الأمراء أخلع على الأمير أحمد بن بقر واستقرّ به فى مشيخة الشرقية عوضا عن ابنه بيبرس.
وفى شهر رجب كان مستهلّه يوم الخميس، واتفق أن ذلك اليوم كان عيد ميكائيل ونزلت النقطة فى ليلة مستهلّ الشهر، فتفاءل الناس بأن النيل سيكون فى تلك السنة عاليا مباركا. - فلما أهلّ الشهر طلع القضاة إلى القلعة وهنّوا ملك الأمراء بالشهر، ثم عادوا إلى دورهم. - وفى يوم الأحد رابعه قبض ملك الأمراء على شخص من الأصبهانية قتل شخصا من المماليك السلطانية فى محل سكر، فتعصّب على قتله خير الدين نائب القلعة، فربطوه فى ذنب إكديش وهو على ظهره، ثم سحبوه وطلعوا به القاهرة، ثم شنقوه ومضى أمره. - وفيه نزل ملك الأمراء من القلعة فتوجّه إلى قصر ابن العينى الذى بالمنشية، وأقام هناك إلى قريب الظهر، ثم عاد إلى القلعة، وكان له مدّة لم يتنزّه فى الروضة ولا غيرها من المفترجات، وسبب ذلك من العارض الذى طلع له فى شكاله، ولم يختم إلى الآن.
وفيه قدم جماعة من إسطنبول ممن كان هناك من أهل مصر، وأشيع أن السلطان سليمان نادى فى إسطنبول بأن جميع الأسراء من أهل مصر يرجعون إلى بلادهم، وكل من تأخّر منهم شنق، ولم يتأخّر بإسطنبول سوى سيدى على بن الملك المؤيد أحمد ابن الأشرف أينال، وابن السلطان الغورى، والناصرى محمد بن خاص بك، ومن
(١) وأشيع … بمكة: كتبها المؤلف فى الأصل على الهامش.