للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قدوم قاصد ثانى من عند السلطان سليمان ابن عثمان، قد وصل وعلى يده خلعة ثانية إلى ملك الأمراء، وهذا القاصد يقال له الأمير على، فلما تحقّق ملك الأمراء وصوله، نزل إليه من القلعة ولاقاه من عند تربة العادل ولبس الخلعة هناك، ودخل من باب النصر وشقّ من القاهرة فى موكب حفل وصحبته الأمير على الذى حضر، ولم يكن صحبته من القضاة سوى قاضى القضاة المالكى محيى الدين يحيى بن الدميرى.

وكان هذا الموكب على حكم ذلك الموكب الذى تقدّم ذكره. ومن العجائب أن ملك الأمراء أوكب ثلاثة مواكب حافلة، وشقّ من القاهرة ثلاث مرات فى مدة سبعة أيام فعدّ ذلك من النوادر الغريبة.

وفى يوم الاثنين ثانى هذا الشهر خرج الأمير قرا موسى العثمانى الذى قرر فى نيابة غزّة، فخرج من بين الترب ولم يشقّ من القاهرة، وخرج صحبته الجمّ الغفير من الأصبهانية ومن التجار، فإن الدرب السلطانى كان له مدّة طويلة وهو منقطع من السالك، من حين جرى من الغزالى ما جرى إلى أن أشيع قتله. - وفى يوم الاثنين تاسعه كانت وفاة صاحبنا القاضى محب بن أصيل، وكان ريّسا حشما من ذوى البيوت، وكان كفّ بصره قبل وفاقه بمدّة طويلة وحصل له شدائد ومحن، ومات وهو فى غاية القهر بسبب خروج مشيخة المدرسة الجمالية عنه إلى ابن الشيخ زكريا، وقد تقدّم القول على ذلك. - وفى يوم الأربعاء حادى عشره توجه ملك الأمراء إلى قبة الأمير يشبك الدوادار التى بالمطرية على سبيل التنزّه، فصنع له المقر الشهابى أحمد بن الجيعان هناك مدّة حافلة، وكذلك الخواجا هاشم ناظر المارستان، فما أبقى فى ذلك ممكنا.

ومن الحوادث الشنيعة أن ملك الأمراء فى يوم السبت رابع عشره رسم بقطع ثلاث رءوس من أعيان المماليك الجراكسة، فقطع رءوسهم فى ذلك اليوم تحت شباك الدهيشة، وأشهر تلك الرءوس على الرماح ثم علّقها على باب زويلة، فمنهم شخص يسمى ماماى الساقى وشخص يسمى ماماى الخازندار وشخص يسمى قنبك الأشقر، وهم من مماليك السلطان الغورى. وكان سبب ذلك أن هؤلاء المماليك كانوا بالقاهرة، وكان ملك الأمراء