للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نيل مصر مذ وفا فى … توت ما عمّ البلادا

واستمرّ النقص فيه … ثم فى هاتور زادا

لم نر (١) للماء نفعا … لا ولا للزرع فادا

ثم أشيع من بعد ذلك أن الماء قد دخل إلى خليج الزربية من عند قصر ابن العينى، فتطيّر الناس من ذلك، ثم أشيع أن الماء دخل إلى الخليج الناصرى وفاض حتى دخل إلى بركة الرطلى وغرّق الزرع الذى كان بها، فعدّ ذلك من النوادر الغريبة، فأشيع أن فى جهات المنوفية غرق ما كان زرع بها وهى عدّة أفدنة كثيرة، وكذاك غرق غالب البرسيم الذى زرع بالجيزة، وما حصل بهذه الزيادة للناس خير. - وفيه أفرج ملك الأمراء عن شيخ العرب نجم شيخ العايد، وأخلع عليه وأعاده إلى مشيخة العايد كما كان أولا، وأخلع على أربعة أنفار من مشايخ عربان السوالم، وقرّر معهم أن يجمعوا من العربان ما يقدرون (٢) عليه بسبب ملاقاة نائب الشام جان بردى الغزالى، فإنه تزايدت الأخبار بسلطنته فى الشام وقد تلقب بالملك الأشرف أبى الفتوحات، وزيّنت له دمشق ثلاثة أيام، ووقدت له الشموع على الدكاكين، وقبّل له الأمراء الأرض، وقد جمع الجمّ الغفير من العساكر، وهو قاصد نحو الديار المصرية.

وفى يوم الأربعاء ثالث شهر ذى الحجة فيه توفى الإمام العالم العامل العلامة شيخ الإسلام والمسلمين، مفتى الأنام فى العالمين، بقيّة السلف وعمدة الخلف، عالم الوجود على الإطلاق، وذكره قد شاع فى الآفاق، فهو آخر علماء الشافعية بالديار المصرية انتهت إليه رئاسة الشافعية، فهو شيخ الإسلام زين الدين زكريا بن محمد بن محمد الأنصارى السليكى الشافعى رحمة الله عليه، وكان مولده فى سنة أربع وعشرين وثمانمائة، ومات وله من العمر مائة سنة وسنتان بعدها، وكان ريّسا حشما فى سعة من المال، وولى قضاء الشافعية فى دولة الأشرف قايتباى وأقام بها فوق العشرين سنة، ومات وهو معزول عن القضاء، وقد كفّ بصره قبل وفاته بمدة طويلة. وحضر


(١) لم نر: لم نرى.
(٢) يقدرون: يقدروا.