للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مثلما حلفنا للأمراء العثامنة يحلفون لنا هم أيضا. فقال ملك الأمراء: واجب علينا ذلك. فتقدم ملك الأمراء وحلف على المصحف وأوسع فى ألفاظ الحلف وأكّد فى ذلك، ثم تقدّم قرا موسى وحلف على المصحف، وكذلك فرحات وخير الدين نائب القلعة والكيخية الكبير أغات الأنكشارية، فلما تكامل الحلف رسم ملك الأمراء بأن مشاعليا ينادى فى القاهرة بالعربى وآخر ينادى بالتركى بالأمان والاطمان والبيع والشرى، وأن التجّار تفتح دكاكينها، وأن (١) لا أحدا يكثر الكلام ولا يدخل فيما لا يعنيه ولا ينقل له قماشا من داره، والدعاء بالنصر للسلطان سليمان بن عثمان. فلما نودى بذلك سكن الاضطراب الذى كان بين الناس قليلا.

وفى ذلك اليوم عرض على ملك الأمراء شخص من النصارى قيل عنه إنه وقع فى حقّ النبى بكلام فاحش، وشهد عليه بذلك، فحكم القاضى الحنفى بكفره، فضرب عنقه تحت شباك المدرسة الصالحية، ثم إن العوام أحرقوه بالنار حتى زالت جثته وصارت رمادا. - ومن الحوادث الغريبة والنوادر العجيبة أشيع أن بحر النيل زاد فى هذه الأيام بعد ما قد مضى من هاتور نصفه، فزاد نحو ثلاثة أذرع، حتى قيل بقى عن علام الوفاء ستة عشر أصبعا، فعدّ ذلك من الوقائع الغريبة التى (٢) لم يقع بمثلها فيما مضى من الزمان، ولم يحصل بهذه الزيادة نفع للناس بل أغرقت الزروع التى زرعت على الشطوط والأمقتة، وكان هذا من جملة عجائب صنع الله تعالى. فكان كما يقال فى المعنى:

النيل أفرط فيضا … بفيضه المتتابع

فصار مما دهانا … حديثنا بالأصابع

وفى هذه (٣) الواقعة يقول محمد بن قانصوه من صادق:


(١) وأن: أن.
(٢) التى: الذى.
(٣) (٢١ - ص ٣٧٠ س ٣) وفى هذه … فادا: كتبها المؤلف فى الأصل على الهامش.