للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القضاة الحنفى الطرابلسى بين يدى ملك الأمراء فى ذلك اليوم بعض توبيخ، بسبب نائبه كمال الدين بن زريق، وقد انكشف رخّه فى مكتوب ظهر أنه زوّره، وجرى بسبب ذلك أمور يطول شرحها، فحصل للقاضى الحنفى بعض مقت من ملك الأمراء، فما وسعه إلا أنه عزل كمال الدين بن زريق بحضرة ملك الأمراء عزلا مؤبدا ما دام حيّا، وانفضّ المجلس على ذلك.

وفى ذلك اليوم رسم ملك الأمراء بإشهار المناداة فى القاهرة بسبب المعاملة فى الذهب والفضة، فأطلق أربعة مشاعلية فى القاهرة ومصر العتيقة بأن الأشرفى الذهب العثمانى والغورى يصرفان بخمسين نصفا من غير زيادة على ذلك، وأن الأشرفى الذى هو ضرب جمال الدين يصرف باثنين وأربعين نصفا، وأن الفضة على حالها لا يرد (١) منها إلا النصف النحاس المكشوف، وكل من خالف فى ذلك شنق من غير معاودة، فسكن الاضطراب قليلا بهذه المناداة بعد ما كان أشيع بإبطال هذه المعاملة كلها وتخسر الناس من أموالها الثلث، فتمطّلت الناس من البيع والشرى أياما وغلقت الأسواق، فلما نادوا بإبقاء كل شئ على حاله سكن الرهج الذى كان فيه الناس. وقيل إن ملك الأمراء أرسل يشاور الخندكار ابن عثمان فى أمر المعاملة إذا بطلت تخسر الناس من أموالها الثلث، والأمر فى ذلك معوّل على الجواب عن ذلك. - وفى يوم الأحد ثانى الشهر أخلع ملك الأمراء على شخص من العثمانية يقال له الأمير على الكيخية أغات الأنكشارية واستقرّ به فى ولاية القاهرة، عوضا عن كمشبغا الذى كان والى القاهرة وتوجّه إلى إسطنبول كما تقدّم.

وفى يوم الخميس سادسه نزل ملك الأمراء من القلعة وتوجّه إلى الروضة، ونصب له خاما فى خرطوم الروضة تجاه (٢) قصر ابن العينى فنزل هناك، وكان صحبته جماعة من الأمراء العثمانية والقاصد الذى حضر صحبة الأمير جانم الحمزاوى والأمير قايتباى الدوادار وبعض أمراء من الجراكسة، والجمّ الغفير من الأصبهانية والأنكشارية.

فلما استقرّ هناك أحضر إليه القاضى بركات المحتسب مدّة حفلة، قيل صرف عليها


(١) يرد: يردل.
(٢) تجاه: يجاه.