الذين (١) يبيعون الجبن والسمن والبيض والدريس وغير ذلك من البضائع، وصارت أهل مصر معهم فى غاية الضنك من كل وجه، والأمر لله تعالى.
وفى يوم الاثنين ثامن عشرينه نزل ملك الأمراء إلى الميدان وأحضر سنان باشاه أغات الأصبهانية، وكان قد وقع بينه وبينهم بسبب جوامكهم، فكان يأخذ من ملك الأمراء المال ولا يصرف عليهم شيئا. فلما وقع الحساب ظهر فى جهته لهم واحد وثمانون ألف دينار، فاعترف أنها فى جهته وسيوصّلها للخندكار، فحصل بينه وبين الأصبهانية فى ذلك اليوم بعض تشاجر بسبب ذلك، فقالت الأصبهانية: لا تبقوا تعطوا سنان باشاه شيئا من جوامكنا، واصرفوا لنا مثل جوامك المماليك الجراكسة كل شهر على البساط. - ثم فى يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء سلخ الشهر عرض ملك الأمراء الأصبهانية الذين هم من مضافات فايق بك، فوجد فى جهته من جوامك الأصبهانية مثل ما وجد عند سنان باشاه من المال، وقال مثل قوله، فكثر بينهما القال والقيل بسبب ذلك، وقد دبّت عقارب الفتن بين الأصبهانية وبين سنان باشاه وفايق بك، واستوعدوا سنان باشاه بالقتل غير ما مرّة.
وفى شهر ربيع الأول كان مستهلّ الشهر يوم الخميس، فطلع القضاة الأربعة إلى القلعة فهنّوا ملك الأمراء بالشهر، ثم عادوا إلى دورهم. - وفى يوم الاثنين خامس الشهر نزل ملك الأمراء إلى الميدان، وعرض الأصبهانية وعلم من بقى منهم ومن فقد، ثم ظهر له ما كان يأخذه سنان باشاه وفايق بك من جوامك الأصبهانية وليس له وجود، فظهر زيفه فى هذه الحركة. - وفى يوم الخميس ثامن الشهر قبض ملك الأمراء على طيلان الرأس نوبة وضربه بين يديه بالمقارع فى الحوش ضربا مبرحا، وكان سبب ذلك أن أخت السلطان طومان باى رافعته وذكرت أن السلطان طومان باى أودع عنده ثمانية آلاف دينار، فأنكر طيلان ذلك وحلف أنه ما أودع عنده شيئا من ذلك، فلما تزايد الأمر من أفواه الناس بسبب هذه الوديعة وصار طيلان ينكر ذلك، حنق منه ملك الأمراء وأمر بضربه بالمقارع، وهو لم يقرّ بشئ، فنزل من القلعة