ثلاثة أيام ثم عادوا إلى ثغر رشيد، وسبب ذلك أن فى تلك الأيام ثار ريح عظيم فردّ المراكب من حيث جاءوا، فأقاموا فى رشيد أياما حتى طاب الريح ثم سافروا وقصدوا التوجّه إلى إسطنبول.
وفيه أشيع أن القاضى بركات بن موسى المحتسب أرسل يطلب من ملك الأمراء تجريدة تلاقيه من الأزنم عند عود الحجّاج، فإن العربان شوّشوا على الحجّاج وأخذوا منهم جمالا محمّلة بما عليها من الأحمال، وحصل منهم غاية الفساد فى حق الحجّاج.
فلما بلغ ملك الأمراء ذلك نزل إلى الميدان وعرض جماعة من العسكر وعيّن تجريدة تلاقى الحجّاج من الأزنم، فكتب جماعة من العسكر ما بين مماليك جراكسة وجماعة من العثمانية وجماعة [من] أولاد الناس، واستحثّهم فى سرعة الخروج إلى الأزنم.
وفى يوم الاثنين خامس عشرينه نزل ملك الأمراء من القلعة بعد صلاة الصبح، وعدّى إلى برّ الجيزة وتوجّه إلى نحو شبرامنت (١) وقناطر العشرة وذلك على سبيل التنزّه، فصنع له الشهابى أحمد بن الجيعان هناك مدّة حفلة، وكذلك القاضى شرف الدين الصغير كاتب المماليك، وكان صحبته الأمير قايتباى الدوادار والأمير أرزمك الناشف وسنان باشاه وفايق بك، وجماعة من الأمراء العثمانية، وجماعة كثيرة من المماليك الجراكسة، فاستمرّ هناك إلى بعد العصر فركب وعدّى من برّ الجيزة وطلع إلى القلعة. وأشيع أن كان بين ملك الأمراء وبين الأمير قايتباى الدوادار حظّ نفس فى الباطن، فعزم عليه هناك وزال ما كان بينهما من تلك الوحشة وطابت الخواطر منهما. - وفى يوم الجمعة سلخ الشهر خرج الأمير قايتباى الدوادار وسافر إلى نحو العباسة، وسبب ذلك أنه غيّب من المماليك الجراكسة من خشداشينه لأجل تفرقة الأضحية، فإنها كانت غالية ومشحوتة ولا توجد.
وفى شهر ذى الحجة كان مستهلّ الشهر يوم السبت، فطلع القضاة الأربعة إلى القلعة وهنّوا ملك الأمراء بالشهر، وعادوا إلى دورهم. - وفى يوم الخميس سادس الشهر خرج العسكر المعيّن إلى الأزنم وكان باش هذه التجريدة شخصا يسمى إياس،