للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقف بين يديه الشاكى والمشتكى ويخاطبونه بترجمان بينهما عن أمر الشكاة، فكان يقرّر على كل محاكمة على الأشرفى ستة نقرة يأخذها لنفسه من الشاكى والمشتكى يسمّون ذلك مصلحاة، وكان إذا أمر بشئ لا تعارضه القضاة، وكان يزعم أنه مستوفى على القضاة فى الأمور الشرعية، وكان يضرب من كان يستحق الضرب، ويسجن من يستحقّ السجن ولا يراجع القضاة فى ذلك، فكان يتحصّل (١) فى كل يوم له من ذلك القدر المعلوم مال له صورة يأخذه من الشاكى والمشتكى. - ثم أحدثوا مظلمة أخرى، وهو أنهم قرّروا على كل دكان من الشهود ومجالس القضاة التى (٢) بمصر والقاهرة قاطبة، على كل دكان فى كل شهر ستة أنصاف، ويزعمون أنهم يردون ذلك القدر لبيت مال المسلمين، ويجهّزونه إلى السلطان ابن عثمان، وقد ضعفت شوكة الشرع فى هذه الأيام جدا، وقد قال القائل فى المعنى:

يا ربّ زاد الظلم واستحوذوا (٣) … والفعل منهم ليس يخفى عليك

وما لنا إلاّك فانظر لنا … ونجّنا منهم وخذهم إليك

ولما حضر الأمير جانم الحمزاوى دوادار ملك الأمراء، أخبر بأن السلطان سليم شاه لما دخل إلى الشام استقرّ بالأمير جان بردى الغزالى نائب الشام، وجعل له التحدّث من غزّه إلى الشام وأعمالها، يولّى بها من يختار ويعزل من يختار. - وأشيع أن عسكر ابن عثمان لما دخلوا إلى الشام طردوا الناس عن بيوتها وسكنوا بها كما فعلوا بمصر، وأخربوا غيطانها، ورعوا زروعها (٤)، وقطعوا أشجارها، وأكلوا جميع فواكهها.

وفى يوم الاثنين ثالث ربيع الأول أشيع بين الناس بالمراسيم التى حضرت من عند الخندكار سليم شاه على يد الأمير جانم الحمزاوى، كان من مضمونها أنه يرسل يقول لملك الأمراء خاير بك: اصرف لأولاد الناس جوامكهم على العادة، وكذلك المماليك الجراكسة، وكل من كان له جامكية (٥) يصرفها له، ويجرى الناس على عوائدهم


(١) يتحصل: يتحلص.
(٢) التى: الذى.
(٣) واستحوذوا: واستحوزوا.
(٤) زروعها: زرعوها.
(٥) جامكية: جامكه.