للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خاير بك باستمراره فى نيابة السلطنة بمصر على عادته، وأرسل خلعة إلى الأمير قايتباى الدوادار، وقيل إلى كمشبغا والى القاهرة كون أنه قبض على قاسم بك ابن بن عثمان، فلما وصل القاصد صحبة جانم الحمزاوى إلى الريدانية بات فى تربة العادل.

فلما كان يوم السبت مستهلّ شهر ربيع الأول، نزل ملك الأمراء خاير بك من القلعة وصحبته الأمير قايتباى الدوادار والأمراء العثمانية الذين (١) بمصر، وطائفة الأنكشارية والأصبهانية وغير ذلك من الطوائف الذين (١) تركهم ابن عثمان بمصر، وصحبتهم جماعة كثيرة من الأمراء الجراكسة والمماليك الجراكسة الذين (١) ظهروا كما تقدّم، وخرج الجمّ الغفير من العساكر العثمانية وفيهم جماعة يرمون بالنفوط، فتوجّه إلى تربة العادل وجلس على المصطبة التى هناك. ثم إن ملك الأمراء خاير بك لبس القفطان المخمل المذهب الذى أرسله إليه السلطان سليم شاه بن عثمان، فأشيع فى ذلك اليوم أن ابن عثمان جعله باقيا على نيابته بمصر على عادته، وأن يجعل السكّة والخطبة باسمه، فلم تصحّ هذه الإشاعة فيما بعد.

ثم إن ملك الأمراء أوكب من هناك ودخل من باب النصر، وشقّ من القاهرة فى موكب حفل، وقدّامه قضاة القضاة، وموجب ذلك كان ذلك اليوم مستهلّ الشهر، فتوجّه إليه القضاة هناك ليهنّوه (٢) بالشهر، فلما رجع إلى (٣) القاهرة رجعوا صحبته وركبوا قدّامه إلى أن طلع إلى القلعة، وركب قدّامه أعيان المباشرين، ولاقته النصارى بالشموع فى أيديهم من باب النصر، فلما وصل إلى بين القصرين ومرّ من على باب الأمير قايتباى الدوادار نثر على رأسه كبشة جيدة من الفضة فتخاطفتها الناس.

فلما شقّ من القاهرة زيّنت له زينة خفيفة فى بعض أماكن، وارتفعت له الأصوات بالدعاء من الناس، وأشهر النداء قدّامه للناس بالأمان والاطمان والبيع والشرى، وأن لا أحدا يشوّش على أحد من الرعيّة، وأن كل من ظلم أو قهر عليه بباب ملك الأمراء، والدعاء بالنصر للملك المظفر سليم شاه، فضجّ له العوام بالدعاء قاطبة.

واستمرّت الأنكشارية يرمون قدّامه بالنفوط وهم مشاة حتى طلع إلى


(١) الذين: الذى.
(٢) ليهنوه: ليهنونه.
(٣) رجع إلى: رجع من.