للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن سليم شاه بن عثمان ليس له صاحب ولا صديق ولا أمان لأحد من وزرائه (١) ولا عسكره، ومن طبعه الرهج والخفة، ويحبّ سفك الدماء ولو كان على ولده، ويقال إنه قتل أباه وإخوته لأجل مملكة الروم، وآخر الأمر قتل يونس باشاه لكون أنه صار له عليه يد قديمة، وكان يونس باشاه يظن أن سليم شاه يرعى له الودّ القديم، فكان كما قيل:

ربّما يرجو الفتى نفع فتى … خوفه أولى به من أمله

ربّ من ترجو به دفع الأذى … سوف يأتيك الأذى من قبله

فلما أشيع قتل يونس باشاه اضطربت القاهرة وغلقت أبواب المدينة من بعد العصر، وخشوا من هجمة العرب على المدينة، ثم سكن ذلك الاضطراب قليلا.

وفى شهر رمضان كان أوّل الشهر يوم الخميس، فلما كان ليلة الرؤيا ركب الزينى بركات بن موسى المحتسب من المدرسة المنصورية، وقدّامه الفوانيس موقودة والمشاعل على عادته، وكان له موكب حافل. - فلما كان صبيحة شهر رمضان أخلع ملك الأمراء خاير بك على القاضى شرف الدين الصغير وابن موسى قفطانات مخمل، كما هى عادتهم فى أول شهر رمضان، ونادوا فى القاهرة بأن أحدا لا يحتمى على الزينى بركات بن موسى ناظر الحسبة الشريفة. - وفى يوم الخميس مستهلّ الشهر أخلع ملك الأمراء خاير بك على الأمير قايتباى الشهير بنائب الكرك وقرّره فى الدوادارية الكبرى، وكانت شاغرة من حين مات الأمير علان الدوادار.

وفى يوم الخميس ثامن شهر رمضان طلعت إلى القلعة خوند مصر باى، وقد تقدّم القول على أن ملك الأمراء خاير بك قد تزوّج بها، فطلعت إلى القلعة فى ذلك اليوم، قبل إشراق الشمس، وصحبتها جماعة كثيرة من نساء الأعيان وهنّ على مكارية. - وفى يوم الجمعة تاسع الشهر أشهروا فى القاهرة أربعة نسوة وهنّ على حمير ووجوههنّ (٢) ملطّخة بالسواد، قيل كنّ يجمعن (٣) عندهنّ جماعة من التراكمة فى رمضان ويعرّصن (٤) عليهم


(١) وزرائه: وزراء.
(٢) ووجوههن: ووجههن.
(٣) كن يجمعن: كانوا يجمعوا.
(٤) ويعرصن: ويعرصوا.