للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه السنة توفى الشهابى أحمد بن الأمير أسنبغا الطيارى رأس نوبة النوب كان، وكان الشهابى أحمد من أعيان أولاد الناس الرؤساء (١)، وكان حشما ريّسا لا بأس به، ومات وله من العمر ما قارب التسعين سنة، وكان من المعمّرين فى الأرض.

وفى يوم الخميس ثانى عشره وردت الأخبار بأن ابن عثمان قد خرج من غزّة، وأن أوائل عسكره قد وصل إلى العريش. وأشيع أن السلطان رسم بحفر خندق من سبيل علان إلى الجبل الأحمر وإلى آخر غيطان المطرية، ثم إن السلطان نصب على ذلك الخندق الطوارق والمكاحل معمّرة فيها بالمدافع، وصفّ حولها العربات الخشب التى صنعها بالقلعة كما تقدّم ذكر ذلك، ثم إن السلطان رسم للأمير ماماى الصغير المحتسب بأن ينادى فى القاهرة للسوقة وأرباب البضائع من الزيّاتين والخبّازين والجبّانين واللحّامين بأن يتحوّلوا ببضائعهم إلى الوطاق عند تربة العادل، وينشئوا هناك سوقا ويبيعوا على العسكر الذى هناك. ثم إن السلطان رسم للوالى بأن ينادى فى القاهرة للعسكر الذى تأخّر بأن يخرج إلى الريدانية ولا يتأخّر منهم أحد، فنادت المشاعليّة فى الحارات والأزّقة بأن المماليك السلطانية تخرج فى ذلك اليوم إلى الوطاق، وكل من تأخّر منهم يشنق على باب داره من غير معاودة، وجعل يكرّر المناداة فى ذلك اليوم مرتين، فإنه (٢) قد بلغ السلطان أن جماعة من المماليك السلطانية صاروا يتوجّهون (٣) إلى الوطاق فى باكر النهار حتى ينظرهم السلطان ثم يرجعون إلى بيوتهم ويباتون بها، فشقّ ذلك على السلطان وحجر عليهم بأن يباتوا (٤) بالوطاق فى كل ليلة.

وفى يوم الجمعة ثالث عشرينه وردت الأخبار بأن عسكر ابن عثمان قد وصل أوائله إلى قطيا، فاضطربت أحوال الناس لذلك. - وفى يوم السبت رابع عشرينه عرض السلطان الزعر بالوطاق، فاجتمع منهم الجمّ الغفير، فأوعدهم السلطان أنه إذا قاتلوا عسكر ابن عثمان بقلب وانتصروا (٥) عليهم ينفق على كل واحد منهم عشرة أشرفية،


(١) الرؤساء: الريسا.
(٢) فإنه: فإن.
(٣) يتوجهون: يتوجهوا.
(٤) يباتوا: يباتون.
(٥) وانتصروا: وانتصر.