للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحضرة السلطان. - وفى ذلك اليوم صارت الأمراء المقدّمون يخرجون إلى الريدانية وهم الأمراء الذين تعيّنوا للتجريدة، فصاروا يخرجون شيئا بعد شئ وهم بأطلاب حربية ومماليكهم لابسة (١) آلة الحرب وهم على جرايد الخيل، ثم خرج الأتابكى سودون الدوادارى وجان بردى الغزالى نائب الشام وأركماس أمير سلاح ويخشباى أمير مجلس وأنصباى أمير آخور كبير وتمر رأس نوبة النوب وعلان الدوادار الكبير وطقطباى حاجب الحجّاب، وقيل بل عفى من السفر بسبب ضعفه ولكن الأصحّ سفره، وخرج بقية الأمراء المقدمين قاطبة، والأمراء (٢) الطبلخانات والعشرات قاطبة، وعساكر مصر قاطبة، ولم يبق (٣) بها من الأمراء والعسكر إلا القليل. وهذه التجريدة أكثر عسكرا من التجريدة التى خرجت مع السلطان الغورى، وكان هذا السلطان له عزم شديد فى عمل هذه العجلات وسبك المكاحل وعمل البندق الرصاص، وجمع من الرماة ما لا يحصى، وكانت له همة عالية ومقصده جميلا ولعل الله تعالى أن ينصره على ابن عثمان، وكان ابن عثمان باغيا على عسكر مصر وقد عاداهم وتعدّى عليهم بغير سبب، والباغى له مصرع. -[وفيه أشيع أن السلطان رسم بأن الأفيال الكبار يخرجون (٤) صحبة العسكر إذا تقاتلوا مع ابن عثمان] (٥).

وفى ذلك اليوم لما خرج العسكر، ركب السلطان من الوطاق وتوجه إلى المصطبة التى بالريدانية، التى تسمى المطعم، فجلس بها، واجتمع الجمّ الغفير من العسكر وهم لابسون آلة السلاح وقد سدّوا الفضاء، واجتمع هناك السواد الأعظم من العوامّ حتى النساء وقد أطلقوا الزغاريت هناك وارتفعت الأصوات بالدعاء للسلطان بالنصر، وكان هناك يوم مشهود. فلما نظر السلطان إلى العسكر لم يعرضهم باستدعاء هناك، بل نادى بأن جميع العسكر المنصور من كبير وصغير لا يتأخّر منهم أحد بعد ثلاثة أيام وأن العرض يكون فى الصالحية بين يدى السلطان، فانفّض ذلك الجمع وتقرّر الحال على


(١) لابسة: لابلسه.
(٢) الأمراء: أمراء.
(٣) ولم يبق: ولم يبقى.
(٤) يخرجون: يخرجوا.
(٥) وفيه أشيع … ابن عثمان: كتبها المؤلف فى الأصل على الهامش.