للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنهب وسبى النساء وقتل الأطفال كما أشيع ذلك.

وفى يوم الاثنين ثانى عشره أخرج السلطان الزردخاناه الشريفة التي يرسلها صحبة العسكر، فجلس بالميدان وانسحبت قدّامه العجلات الخشب التى كان صنعها بسبب التجريدة، فكان عدّتها مائة عجلة، وتسمى عند العثمانية عربة، وكل عربة منها يسحبها زوج أبقار، وفيها مكحله نحاس ترمى بالبندق الرصاص، فنزل السلطان من المقعد وركب وفى يده عصا، وصار يرتّب العجل فى مشيها فى الميدان، ثم انسحب بعد العجل مائتا جمل محملة طوارق نحو ألف وخمسمائة طارقة، ومحملة أيضا بارود ورصاص وحديد ورماح خشب وغير ذلك، وقدّام العجلات أربع طبول وأربع زمور وقدّامها من الرماة نحو مائتى إنسان ما بين تركمان ومغاربة (١)، وبأيديهم صناجق بعلبكى أبيض وكندكى أحمر، وهم يقولون: الله ينصر السلطان. وجماعة من النفطية ما بين عبيد ونفطية يرمون بالنفط قدام العجلات وركب قدّامها الأمير مغلباى الزردكاش الكبير، ويوسف الزردكاش الثانى، وجماعة من الزردكاشية، وعبد الباسط ناظر الزردخانه، والشهابى أحمد بن الطولونى، وقدّامهم الجمّ الغفير من النجّارين والحدّادين (٢) الذين (٣) تعيّنوا للسفر مع التجريدة، فخرجوا من باب الميدان إلى الرملة، ونزلوا من على القبو وشقّوا من البسطيّين، ودخلوا من باب زويلة وشقّوا من القاهرة، فرجّت لهم فى ذلك اليوم القاهرة واصطفّت الناس على الدكاكين بسبب الفرجة، وكان يوما مشهودا، وارتفعت الأصوات من الناس بالدعاء للعسكر بالنصر على ابن عثمان الباغى، وتباكت الناس لما عاينوا تلك العجلات والمكاحل والهمّة العالية التى من السلطان فيما صنعه، فاستمروا شاققين من القاهرة حتى خرجوا من باب النصر وتوجّهوا إلى الريدانية عند تربة العادل التى هناك. وأشيع أن امرأة قتلت فى ذلك اليوم، من شدّة الازدحام فى ذلك اليوم، فلما وصلوا بالعجل إلى تربة العادل صفّوهم هناك إلى أن تخرج الأمراء، فكان ذلك اليوم من الأيام المشهودة فى الفرجة.

وفى يوم الثلاثاء ثالث عشره أشيع أن بعض الأمراء شفع فى المماليك الذين (٣) حضروا


(١) ومغاربة: ومغرابه.
(٢) والحدادين: والحداحدين.
(٣) الذين: الذى.