للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطاوله فى أمر الدمراوى، فأرسل الشيخ خلف ابن موسى، فلما حضر عنده فى كوم الجارح (١) وبّخه الشيخ بالكلام، وقال له: يا كلب كم تظلم المسلمين؟ فحنق منه ابن موسى وقام على غير رضى، فأمر الشيخ بكشف رأس ابن موسى وضربه بالنعال، فصفعوه بالنعال على رأسه حتى كاد يهلك، ثم وضعه فى مكان وأرسل خلف الأمير علان الدوادار الكبير، فلما حضر قال له: اوضعه فى الحديد واطلع وشاور السلطان عليه وأعلمه بأنه بيؤذى (٢) المسلمين. فلما طلع الأمير علان وشاور السلطان فى أمر ابن موسى وما جرى له مع الشيخ سعود، فأرسل السلطان يقول للشيخ سعود:

مهما اقتضاه رأيك فيه افعله. فلما ردّ الجواب على الشيخ بذلك فأمر الشيخ بإشهار ابن موسى فى القاهرة ثم يشنقونه على باب زويلة، فأخرجوا ابن موسى من زاوية الشيخ التى فى كوم الجارح وهو ماش مكشوف الرأس بكبرطاق وهو فى الحديد وينادى عليه: هذا جزاء من يؤذى المسلمين. فتوجهوا به من كوم الجارح إلى ساحل البحر من مصر العتيقة وهم ينادون (٣) عليه إلى أن وصل إلى بيت الأمير علان الدوادار الذى بالناصرية، فأراد أن يوقع فيه فعل بشنق أو تغريق (٤)، ثم عاودوا الشيخ فى أمره بأن عليه مالا للسلطان ومتى شنق ضاع على السلطان ماله، فعفى الشيخ عنه من القتل، واستمرّ ابن موسى عند الأمير علان وهو فى الحديد حتى يكون من أمره ما يكون، وكانت واقعة مهولة بين ابن موسى والشيخ سعود، وقد أشرف ابن موسى فى هذه الكاينة على الهلاك وذهاب الروح، وقد قلت فى هذه الواقعة (٥):

تعجّبوا مما جرى فى الوجود … بين ابن موسى كان والشيخ سعود

تشاجرا قد طال ما بينهم … وأشعلت نيرانه بالوقود

فصرّح الشيخ بعزلانه … وأكّد القول بأن لا يعود

ويغلب الله على أمره … ويرغم القاهر أنف الحسود


(١) الجارح: الحارج.
(٢) بيؤذى: كذا فى الأصل.
(٣) ينادون: ينادوا.
(٤) تغريق: تغيرق.
(٥) الواقعة: والواقعة.