للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويوم الأحد سلخ هذا الشهر حضر الناصرى محمد بن يلباى المؤيدى حاجب ميسرة بدمشق، وأخبر أن سليم شاه بن عثمان قد ملك مدينة دمشق، وملك قلعتها وقتل على باى الأشرفى نائب القلعة، وقتل ستة وثلاثين (١) أميرا من أمراء دمشق غير من وجده من الرعيّة بالشام، وحضر ابن يلباى هذا وهو فى زى العرب ببشت وزمط على رأسه. فلما أشيعت هذه الأخبار فى القاهرة بأن ابن عثمان ملك الشام صارت الناس فى أمر مريب بسبب ذلك وقالوا: ما بقى بعد أخذ الشام إلا مصر، وجزموا بهذا الأمر وعوّل بعض الناس من أهل مصر على الهروب إلى جهة الصعيد.

فتنكّد السلطان والأمراء والناس قاطبة لهذا الخبر، ولا سيما كانت ليلة عيد الفطر والناس جرحهم طرى بسبب موت السلطان وكسرة العسكر، والأنعة (٢) قائمة بسبب من قتل من العسكر، فقلت فى المعنى:

يا سليم شاه كفّ عن أخذ مصر … بلد شرّفت بخير إمام

فهو شافعى قطب ولى … نجل إدريس عمدة الإسلام

هى تدعى كنانة من غزاها … قصم الله ظهره بالحسام

وقد ورد فى بعض الأخبار ما روى أن: مصر كنانة الله فى أرضه من أراد لها بسوء قصمه الله، أو ما معناه من هذا الحديث.

وفى شوال كان مستهلّ الشهر يوم الاثنين وصلّى السلطان صلاة العيد، وأخلع على الأمراء ومن له عادة، فخطب بالسلطان فى ذلك اليوم الشرفى يحيى بن البردينى، وكان موكب العيد حافلا. - وفى يوم الجمعة خامسه الموافق لرابع هاتور القبطى فيه قلع السلطان البياض ولبس الصوف، وقد عجّل بلبس الصوف. - وفيه توفى الأمير جانم الإبراهيمى أحد الأمراء الطبلخانات. - وفى يوم السبت سادسه طلع إلى السلطان شخص يقال له على الشعبانى نقيب المحتسب وشخص آخر يقال له ابن خبيزّ السمسار فى الغلال، فلما وقفا إلى السلطان تكلما معه بأن يجعلوا على الحسبة مالا معيّنا (٣) وعلى


(١) ستة وثلاثين: ستة وثلثون.
(٢) والأنعة: كذا فى الأصل، ويقصد بها الجمع لكلمة «نعى».
(٣) مالا معينا: مال معين.