للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبب ذلك، فلما أن طلع السلطان إلى القلعة وبات بها، فلما أصبح نادى فى القاهرة بما تقدم ذكره ولم يفعل شيئا مما وقع الاتفاق عليه مع المماليك الجلبان، فشقّ عليهم هذه المناداة، وأشيع إثارة فتنة ثانية وكثر القال والقيل بين الناس، وكانت الناس قد استبشروا بأن السلطان ينادى بإبطال المشاعرة والمجامعة، فلما نادى كل شئ على حكمه نزل على الناس خمدة بسبب ذلك. - وفى يوم الثلاثاء ثانى الشهر جلس السلطان فى الحوش وعرض أغاوات الطباق، فلما وقفوا بين يديه وبّخهم بالكلام وقال لهم:

لا تسمعوا للماليك القرانصة [الذين يرمون بينى وبينكم الفتن وتشمتون] (١) العدو فينا وابن عثمان متحرّك علينا ولا بدّ من خروج تجريدة عن قريب، حصّلوا معكم ذهب ينفعكم إذا سافرتم، والذى هو منكم متزوج يطلق زوجته، ما يبقى وراكم التفاتة إذا سافرتم فى التجريدة. فلما سمعوا ذلك شقّ عليهم وقصدوا يثيرون فتنة فى ذلك اليوم، وتزايد الاضطراب ولهج الناس بوقوع فتنة عظيمة، وقد استوعدوا المماليك ابن موسى المحتسب بالقتل لأنه لما نزل فى ذلك اليوم ونادى بأن كل شئ على حكمه، فتخلّقت جماعته بالزعفران فى عمائمهم (٢) وشقّ من القاهرة، فتنكّد المماليك الجلبان لذلك وقالوا: قد شمت فينا، وقال المماليك ولم (٣) يطلع من أيديهم شئ: وقد تخلّق جماعته بالزعفران جكارة فينا والله ما نرجع حتى نقتله. وقد تقدّم القول بأن المماليك قالوا للسلطان: سلّمنا ابن موسى المحتسب نقتله بسبب غلوّ البضائع من كل شئ فى الأسواق.

وفى يوم الأحد سابعه توفى الشرفى يحيى بن القاضى صلاح الدين بن الجيعان، وكان شابا حسن الشكل ضخم الجسد، ومات وله من العمر نحو عشرين سنة، وكانت جنازته حفلة. - وفى أثناء ذلك اليوم ركب الزينى بركات بن موسى وشقّ القاهرة، وقبض على جماعة من السوقة أرباب البضائع وضربهم ضربا مبرحا وأشهرهم فى القاهرة، وأشهر المناداة فى ذلك اليوم وسعّر اللحم والدقيق والخبز


(١) الذين يرمون … وتشمتون: الذى يرموا … وتشمتوا.
(٢) عمائمهم: عمايهم.
(٣) ولم: لم.