للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطبلخانات والعشرات من أرباب الوظائف، فوقف الأتابكى سودون العجمى وبقيّة الأمراء المقدّمين وباسوا الأرض للسلطان على أنه يقوم ويطلع إلى القلعة ويرضى عن مماليكه، فشقّ السلطان ملوطته وبكى حتى أغمى عليه ورشّوا على وجهه الماء وهو يقول: ما بقى لى حاجة بسلطنة فأرسلونى أى مكان تختارونه وولّوا أمير كبير، فخاف أمير كبير وصار يرعب من كلام السلطان وحصل له وهم. - وقد وقع عروض ذلك للملك الأشرف قايتباى لما طلبوا منه المماليك نفقة عند حضورهم من تجريدة ابن عثمان، فجمع الأمراء قاطبة والخليفة والقضاة الأربعة وأحضر القبّة والطير وفرس النوبة وقال: سلطنوا أمير كبير أزبيك، وفكك أزرار ملوطته على أنه يدخل إلى البحرة، وقال للقضاة: اشهدوا علىّ أنى قد خلعت نفسى من السلطنة، وقد تقدم ذلك فى أوّل التاريخ من أخباره، فلما خلع نفسه من السلطنة أعاده الخليفة إلى السلطنة ثانيا، وكان سبب ذلك المماليك أيضا. - تم إن السلطان أرسل خلف أغوات الطباق وهو فى المقياس، فلما حضروا بين يديه صاروا يشكون له أن إقطاعاتهم لم يصل لهم منها شئ، وأن الحماية يأخذونها من المقطعين معجّلا قبل أوان النيل بمدّة، وأن لحوم العسكر مكسورة بالأشهر، وأن جميع البضائع غالية بسبب المشاهرة والمجامعة التى قرّرت على السوقة، وأن كلّ شئ غال حتى الخام والبعلبكى والتبن ما يوجد، وصارت الجامكية ما فيها بركة كونها من مال المصادرات وأغلظوا عليه فى القول، وقالوا له: ليش ما تمشى على طريقة الملوك السالفة وتقلّ من هذا الظلم، ثم قرّروا معه بأن يصرف للعسكر اللحوم المكسورة وأن يبطل المشاهرة والمجامعة، ويعزل المحتسب ويولى غيره، ويعزل الوزير والوالى ويولى غيرهما، فقال السلطان: نعم أفعل لكم ذلك جميعه، وصاروا يشرطون عليه شروطا كثيرة من هذا النمط، وهو يقول: نعم، وكان ألماس دوادار سكين هو الذى يتردّد بالرسائل بين السلطان وبين المماليك، فلما طلب خاطر المماليك على ذلك أحضر لهم السلطان مصحفا شريفا وحلّف