وقد تقدم القول على أن ابن عثمان كان متعصّبا لابن شاه سوار بأن يرد إليه بلاد أبيه سوار من يد عمه على دولات ويولّيه مكان أبيه، فكان يخشى من السلطان، وقد تقدّم القول على أنه كان أرسل يسأل فصل السلطان فى ذلك، وكان الأمر مبنيّا على السكون فما يعلم الآن ما يصير من بعد ذلك. - وفى يوم الخميس خامس عشره حضر إلى الأبواب الشريفة السيفى جانم الخاصكى الذى كان توجّه إلى ابن عثمان، فلما حضر أخبر أن ابن عثمان أكرمه غاية الإكرام وأخلع عليه عند عوده إلى مصر خلعة تماسيح بصمور، ولكن هذا الأمر حدث من بعد مجئ جانم من عند ابن عثمان، والحركات والسكون بيد الله تعالى. - وفى ذلك اليوم خرج نائب بهنسا الذى قرّره السلطان بها وهو شخص من الخاصكية خادم السجّادة يقال له قانصوه العجمى، وأصله من مماليك السلطان الغورى، وقد سعى فى هذه النيابة بمال له صورة حتى وليها. - وفى يوم الخميس المذكور رحل السيد الشريف بركات من تربة الظاهر برقوق وتوجّه إلى بركة الحاج وعزم على السفر إلى مكة، فخرج معه جماعة كثيرة من الناس يرومون الحج، فخرجوا صحبته إلى مكة. - وفى يوم الثلاثاء عشرينه نفق السلطان على العسكر المعيّن للهند نفقة السفر، فأعطى لكل مملوك خمسين دينارا وأوعدهم أن ينفق عليهم جامكيّة ستة أشهر معجّلا قبل أن يسافروا، وقيل أعفى منهم جماعة من أولاد الناس مما شكى ضعفا فى جسده أو من به حبّ افرنجى، وصار يصرّح لهم جهارا ويقول: الذى ما يطيق سفر البحر الملح يعلمنى بذلك فأعفيه من السفر، فعدّ ذلك له من محاسنه. - وفى أثناء هذا الشهر جاءت الأخبار من بلاد الغرب بأن الشيخ يحيى صاحب جربة قد توفى إلى رحمة الله تعالى، وكان لا بأس به، وقيل إنه مات قهرا من أولاده وقد افتتنوا فى بعضهم وقتل بعضهم بعضا، فحصل له توعّك فى جسده واستمرّ عليلا إلى أن مات.