للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بينهم قتال بسبب ابن عثمان والصوفى، لكن قاسى العسكر فى هذه السفرة مشقّة زائدة بسبب الغلاء الذى وقع بحلب وقلّة العليق على الخيول، فباعوا خيولهم وسلاحهم وقماشهم، فدخلوا إلى مصر وهم فى غاية التعفيش ومنهم من دخل وهو راكب على حمار. - وفى ذلك اليوم أكمل السلطان على العسكر النفقة المقدّم ذكرها (١) على حكم ما شرح فيه ولم يعط المماليك القرانصة العواجز ولا أولاد الناس شيئا، وصار الذى يأخذ النفقة يكتبه كاتب المماليك طائفة إلى جهة الشرقية وطائفة إلى جهة الغربية وطائفة إلى منفلوط وطائفة لحفظ الجسور، فصار بعض المماليك يقول ما لنا حاجة بنفقة على هذا الوجه. - فلما أقام قانى باى أمير آخور فى المدينة ثلاثة أيام أهدى إلى السلطان تقدمة حافلة على ما قيل، فكان من جملتها ذهب عين عشرة آلاف دينار وخمسة وعشرين مملوكا جراكسة وخيول خاصّات أربع طوايل وأربعمائة رأس غنم وأثواب بعلبكى وأثواب صوف وغير ذلك أشياء فاخرة، وقيل أحضر إلى السلطان ثمانين ألف دينار وذلك مما جباه من أمر المشاة الذى أفرده السلطان على الشام (٢) وحلب وحماة وغير ذلك من البلاد بسبب المشاة الذى تخرج قدّام العسكر فى التجريدة، فحصل على أهل تلك البلاد منه الضرر الشامل وأخذ أموالهم بالظلم والعسف، وقرّر على جهات البلاد الشامية من الإقطاعات والرزق على كل رأس من الفلاّحين قدرا معلوما، كما فعل بعربان جبل نابلس وغيره من البلاد، فضجّ منه الأفلاك والأملاك بسبب ذلك، وكان المحرّك لذلك يوسف بن أبى أصبع. - وفى يوم الثلاثاء سادس عشره نزل السلطان إلى الميدان وأرسل خلف الشريف بركات أمير مكة، وحضر أمير كبير وجماعة من الأمراء المقدّمين، ثم أحضر مماليك يرمون بالنشاب على الخيل وهم باللبس الكامل فأظهروا أشياء غريبة فى فنون الرماية، وأحرق السلطان إحراقة نفط بالنهار فى الميدان، وأحضر الأفيال الكبار فتسارعوا قدّامه، وكذلك السبع والهزبر، فانشرح السلطان فى ذلك اليوم وكان


(١) ذكرها: دكرهما.
(٢) الشام: شام.