للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسبب الفرجة، وتركّزت له الطبول والزمور على الدكاكين من باب النصر إلى رأس الرملة، فرجّت له القاهرة فى ذلك اليوم رجّا [وابتهجت الناس وأى بهجة] (١)، ثم ارتفعت له الأصوات بالدعاء من الخاص والعام، وكان هذا الموكب من الوقائع الغريبة (٢) فى هذا العام، وكان من المواكب المعدودة والأيام المشهودة، قلّ أن بقى يقع لأحد من ملوك مصر مثل هذا الموكب فيما يأتى من الزمان، ولم يقع للأشرف الغورى من حين تسلطن وإلى اليوم أنه أوكب وشقّ من القاهرة هو والأمراء بالشاش والقماش غير هذا الموكب، فاستمر فى هذا الموكب حتى طلع من على جامع الماردينى، من على مدرسة السلطان حسن فشقّ من الرملة، وقد ماجت له الرملة فى ذلك اليوم من العسكر وكثرة الخلائق، فاستمر على ذلك حتى دخل من باب الميدان، فوقف له الخليفة هناك والقضاة الأربعة، فطوّبوا له ورجعوا إلى دورهم، ودخل السلطان إلى الميدان هو والأمراء، وكان الأمير طومان باى الدوادار الكبير نصب له بالميدان الخيمة الكبيرة التى تنصب فى المولد، ومدّ بها مدّة حافلة قيل كان مصروف تلك المدّة فوق الألف (٣) دينار، وفرش تحت حافر فرس السلطان الشقق الحرير من باب الميدان إلى الخيمة، وقيل نثر على رأسه خفائف الذهب والفضة، ثم إن السلطان جلس فى الخيمة وأكل من المدّة هو والأمراء، فلما انقضى أمر المدّة أحضر كوامل مخمل أحمر بصمور فأخلعها على الأمراء العشرة الذين كانوا صحبته بثغر الإسكندرية، وأخلع على الأتابكى سودون العجمى كاملية مخمل أخضر بصمور، وقيل أخلع عليهم الكوامل بالريدانية، وأخلع على الأمير طومان باى الدوادار كاملية مخمل أحمر بصمور بسبب تلك المدّة التى مدّها، وأخلع على بعض خاصكية من السقاة من أرباب الوظائف، ثم إن الأمراء نزلوا من الصليبة فى موكب حافل وتوجّهوا إلى بيوتهم، وانقضى ذلك اليوم على خير، وهذه الواقعة من معظم


(١) وابتهجت … بهجة: وابتهجة الناس راى يهجا.
(٢) الغريبة: القرينة.
(٣) الألف: آلاف.