للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويطلع الصبح إلى القلعة من بين الترب ولم يشعر به أحد من الناس، ولكن كل أحد له اختيار بذاته، فلما ركب السلطان من الريدانية رسم للخاصكية الذين كانوا معه فى ثغر الإسكندرية بأن يدخلوا إلى القاهرة وهم لابسون آلة السلاح كما دخلوا بثغر الإسكندرية وهم لابسون، فلبسوا آلة السلاح الزرديات والخوذ، وألبسوا الخيول البركستوانات المخمل، وأخذوا الرماح بالشطفات بأيديهم وركبوا وراء السلطان فى الطلب، وكانوا نحو أربعمائة خاصكى من جلبان السلطان من أعيانهم فعدّ ذلك من النوادر، وركب مع السلطان سائر المباشرين من أرباب الوظائف من المتولّيين والمنفصلين، فلما تكامل الموكب مشى السلطان وكان الصنجق السلطانى فى كيس حرير أصفر فلم ينشر على رأس السلطان، فلما وصل إلى قبة الأمير يشبك التى فى رأس الحسنية لاقاه الشعراء بالشبابة السلطانية والمزاهر، ولاقاه الطبردارية وفى أيديهم الأطبار فمشوا قدامه، ثم لاقاه طائفة اليهود والنصارى وفى أيديهم الشموع موقودة. - ومن الحوادث فى ذلك اليوم أن السلطان لما وصل إلى رأس سوق الدريس فكان هناك حمل معلق فيه قناديل معمّرة بالزيت، فصدم به الأتابكى سودون العجمى هلال القبة الذى هو عوضا عن الطير الذهب، فسقطت تلك القناديل على القبة وكلفتة السلطان والكاملية المخمل الأحمر التى عليه فانطرشوا بالزيت الطيّب تطرطشا فاحشا، فلم بتفاءلوا الناس بذلك على السلطان، ووقع له أنه لما دخل لمدينة الإسكندرية سقط هلال القبة الذى على رأسه إلى الأرض وانكسر نصفين فى وسط سوق الإسكندرية، وكذلك رصافية المحفة سقطت إلى الأرض فبادروا إليها ووضعوها على المحفة، فلم يتفاءلوا الناس بهذا أيضا على السلطان، لكن وقع للأشرف قايتباى أنه لما دخل إلى ثغر الإسكندرية وشقّ من سوقها سقط الطائر الذهب الذى على القبة إلى الأرض، فبادر الأمير يشبك الدوادار الكبير ونزل عن فرسه وركّب الطائر على القبة وثبّته عليها بيده وأعاده كما كان، ثم ركب على فرسه ومشى السلطان إلى أن خرج من باب البحر، فتفاءلوا الناس بزوال السلطان بعد ذلك،