للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحبته خاصكيا، بأن يتوجها إلى القدس والكرك فى بعض المهمّات السلطانية، ثم بعد ذلك بطل سفرهما إلى تلك الجهات لأمر أوجب ذلك. - وفى يوم الخميس المذكور تغيّر خاطر السلطان على جانى بيك دوادار الأمير طراباى الذى هو متحدث فى الأستادارية الآن، وكان السلطان أنعم على جانى بيك هذا بأمرة عشرة، وكان سبب تغيّر خاطر السلطان على جانى بيك أن الأمير طومان باى الدوادار أرسل مطالعة للسلطان وهو بالصعيد يشكو فيها من جانى بيك هذا أنه صار يعارضه فيما يرسم به ويعاكسه فيما يقوله فى أمر الديوان المفرد، وكان جانى بيك غير محبب للناس لا يراعى من الأمراء أحدا ويأخذ الحمايات من المقطعين معجّلا قبل أن تروى البلاد، فصار معه سنة معجّلة من المقطعين من الحماية والشياخة دايرة فى حساب الديوان المفرد وربما راحت على المقطعين، ويرسّم على الأمراء وأعيان الناس حتى يستخلص منهم جميع ما عليهم من الحمايات فى يوم واحد، فضجّ منه والأمراء والعسكر، فلما تزايد ظلمه وعسفه بالعسكر والفلاحين وضعفاء الناس أخذه الله تعالى من الجانب الذى كان يأمن إليه، وكان عند السلطان من المقرّبين الخواص فأقلب عليه ما كأنه يعرفه، وهذا الذى وقع له بدعوة مظلوم، فكان كما قيل فى المعنى:

ألا قولوا لشخص قد تقوّى … على ضعفى ولم يخش رقيبه

بعثت له سهاما (١) فى الدياجى … وأرجو أن تكون له مصيبه

فلما عزل جانى بيك من التحدث فى الأستادارية كثرت فيه المرافعات وقال له السلطان: اقيم الحساب بما قبضته من الأموال، فى مدة تحدثه فى الأستادارية على ما قيل، ومن نوقش الحساب عذّب، وقيل إن جانى بيك لما رأى أن الأمير طومان باى الدوادار محطّا عليه سأل السلطان وباس رجله بأن يعفيه من التحدث فى الأستادارية، ولا زال يقسم عليه حتى أعفاه من التحدث فى الأستادارية،


(١) سهاما: سهام.