مجئ وحش، والمجازاة من جنس العمل. - وفى يوم الخميس ثالث عشره أخلع السلطان على قاضى القضاة كمال الدين وأعاده إلى منصب القضاء، وصرف عنه محيى الدين بن النقيب، وهذه ثالث ولاية وقعت لكمال الدين الطويل، وقد نفذ منه فى هذه الثلاث ولايات فوق العشرة آلاف دينار، وأما محيى الدين بن النقيب فإنه تولى خمس ولايات، فكانت مدّته فى هذه الخمس ولايات سنة وتسعة أشهر وثمانية أيام لا غير، كما يقال فى المعنى:
أعماله ردّت عليه بما جنى … والدهر قد جازاه من جنس العمل
وفى يوم الأربعاء ثانى عشره نزل السلطان وكشف على العمارة التى فى الميدان، كما تقدم ذكر ذلك، ثم عاد إلى القلعة من يومه. - وفى يوم الجمعة رابع عشره صلى السلطان صلاة الجمعة بالقلعة، ثم ركب ونزل وشقّ من الصليبة فى موكب حافل وقدّامه ثلاث طوايل خيول بسروج ذهب وكنابيش، وقدّامه من الأمراء الأمير طومان باى الدوادار الكبير فقط، ومن الأمراء الطبلخانات أقباى أمير آخور ثانى وكرتباى والى القاهرة، وجماعة من الخاصكية والسلحدارية، [وعلى] رأسه تخفيفة صغيرة لمساء، وعليه سلارى صوف فستقى بصمور، وهو راكب فرس بسرج ذهب وكنبوش، وأشيع أنه يتوجه إلى نحو الأهرام ويقيم به أيّاما، فنصب هناك وطاقا، وأشيع أنه يتوجّه من هناك إلى الفيوم كما وقع للأشرف قايتباى نظير ذلك، فرجّت القاهرة لسفره على حين غفلة، وماج العسكر الذى لم يكن على يقظة من احتياج السفر، ولما نزل السلطان من القلعة توجّه إلى المقياس وبات به ليلة السبت، فلما طلع النهار عدّى من هناك وطلع إلى برّ الجيزة وتوجّه إلى الوطاق الذى نصبه عند الأهرام، وقيل إن السلطان أخذ معه جماعة من المغانى وأرباب الآلات، فمنهم محمّد بن عوينة العوّاد وجلال السنطيرى والبوالقة وابن الليمونى وغير ذلك من المغانى، فلما توجّه إلى الوطاق أقام به يوم السبت والأحد، ثم رحل عن الوطاق يوم الاثنين سابع عشره وقصد التوجّه إلى نحو الفيوم، وكان صحبته من الأمراء الأتابكى سودون العجمى وقاضى القضاة