وتوجه إلى نحو تربة العادل، وجلس على المصطبة التى هناك، وجرّبوا قدّامه بقية المكاحل المقدّم ذكرهم، وأقام هناك إلى بعد العصر، ومدّ هناك سماطا حافلا، ونصب له هناك وطاقا، واجتمع عنده جماعة من الأمراء المقدمين، ثم ركب بعد العصر ودخل من باب النصر وشقّ من القاهرة، وارتفعت له الأصوات بالدعاء، وكان له يوم مشهود -. وفيه فى يوم الثلاثاء ثالث عشرينه حضر إلى الأبواب الشريفة طراباى أخو الأتابكى قيت الرجبى، وكان مسجونا بقلعة دمشق، وكان سبب نفيه إلى هناك أنه فى سنة تسع وتسعمائة خلاّ الأمير أزدمر الدوادار طالعا إلى القلعة فلما وصل إلى باب القلعة أرمى عليه من الطبقة ثلاث فردات نشّاب، وقد تقدم ذكر ذلك، فلما بلغ السلطان ذلك نفاه إلى دمشق وسجنه بقلعتها، فاستمرّ هناك حتى شفع فيه الأمير طومان باى الدوادار. - وفيه أخلع السلطان على شخص يقال له طراباى، وكان طراباى هذا ولى الأتابكية بحلب، ثم حضر إلى مصر وسعى فى نيابة صفد بمال له صورة حتى تولاها من يشبك، واستقر نائبا بصفد عوضا عن جان بردى الغزالى بحكم انتقاله إلى نيابة حماة، وكان طراباى هذا من مماليك يشبك من حيدر الذى ولى حماة. - وفيه فى يوم الخميس رابع عشرينه نادى السلطان فى القاهرة أن لا أمير (١) ولا جندى يركب بغدّارة فى سرجه ومن فعل ذلك لا يلوم إلاّ نفسه، وكان سبب ذلك أن مملوكا من مماليك السلطان تشاجر مع شخص من المماليك يقال له جانم، وكان أصله من مماليك الأمير طراباى رأس نوبة النوب ثم بقى مملوك سلطان، فلما تشاجر معه سلّ عليه الغدّارة وضربه على يده قطعها، فوقف ذلك المملوك للسلطان ويده مقطوعة فشقّ ذلك على السلطان ونادى فى ذلك اليوم بأن لا أحد من العسكر يركب بغدّارة قط، فرجعوا المماليك عن ذلك، ورسم للأمير مغلباى الزردكاش بأن يكتب قسائم على الصنّاع أن لا يصنعوا لأحد من المماليك غدّارة، وكان بهذه الغدّارات يحصل من المماليك الضرر الشامل. -