للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأن تكون النفقة خمسين دينارا وهو يقول: ما أقدر على ذلك، فانفصل المجلس على أنه ينفق عليهم لكل مملوك خمسين دينارا، ثم إن السلطان شرع فى بيع أملاك ورزق مما كان أوقفهم على مدرسته بسبب تحصيل المال لأجل النفقة، وأظهر أن الخزائن مشحوتة من المال وأنه عاجز عن تحصيل المال. - وفى ليلة الثلاثاء رابع عشره فيها خسف جرم القمر خسوفا فاحشا، وأقام فى الخسوف نحوا من خمسين درجة حتى اظلمت الدنيا، ولم ينجل إلى قريب التسبيح، وفى واقعة حال الخسوف يقول بعض الشعراء:

كأنما البدر وقد شانه … خسوفه فى ليلة البدر

وجه مليح حسن وجهه … جارت عليه ظلمة الشّعر (١)

ثم إن السلطان أرمى على التجار قاطبة شاشات وأزرا وأثوابا صوفا، وأرمى على السوقة [زيتا وعسلا وزبيبا وأصناف بضائع يخسرون فيها] (٢) الثلث، وصاروا يستحثونهم فى سرعة الثمن لأجل النفقة، فغلقت الأسواق بسبب ذلك وأقامت وهى مغلوقة أيّاما، ثم إن السلطان أرمى على بعض جماعة من الأمراء المقدّمين رزق مشتراواته وحثهم فى سرعة قبض ثمن ذلك، وأرمى على جماعة من أعيان أولاد الناس مثل ذلك وحثهم فى سرعة قبض ثمن ذلك، ومن جملة أولاد الناس الناصرى محمد بن خاص بك، وغيره من أولاد الناس أيضا، وحصل للناس الضرر الشامل بسبب هذه النفقة، ثم إن السلطان نفق على مماليكه المشتراوات فقط ولم يعط المماليك القرانصة شيئا ولا مماليك الأشرف قايتباى ولا المماليك السيفية، فنفق على مماليكه لكل مملوك خمسين دينارا، فعزّ ذلك على المماليك القرانصة وكثر القال والقيل فى ذلك، وأشيع أمر الركوب على السلطان بسبب ذلك، فلم يطلع من يدى المماليك القرانصة شيئا وراحت على من راحت، وأكمل السلطان النفقة على مماليكه ولم يعط القرانصة شيئا. - وفى يوم الأحد سادس عشرينه


(١) الشعر: الشغر.
(٢) زيتا وعسلا وزبيبا … يخسرون فيها: زيت وعسل وزبيب … يخصروا فيهم.