للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متولّيا عقابه فعذّبه بأنواع العذاب ولم يرث له فيما جرى عليه، فما عن قريب حتى أذاقه الله تعالى طعم العذاب، فكان كما يقال:

جرّع كأسا كان يسقى بها … والمرء مجزىّ بأعماله

ظنّ بأن الدهر يصفى له … فخيّبت من ذاك آماله

وقال القائل:

يا من تولى منصبا قد زانه … فسطا لذاك على الأنام وتاها

أقصر فذاك العزّ يتبعه أذى … عطر الولاية لا يفى بفساها

وفى رابع عشره خرج الأمير محمد بيك الذى تعيّن إلى نحو الجون بسبب قطع الأخشاب لأجل عمارة المراكب المعيّنة إلى تجريدة الهند، فخرج فى موكب حافل، وكان ذلك آخر سعده. - وفيه خرج الطواشى بشير رأس نوبة السقاة وقد عيّنه السلطان بأن يتوجّه إلى بلاد الهند، وقد كاتب السلطان جماعة من ملوك الهند بأن يكونوا مع السلطان عونة على قتال الفرنج الذين صاروا يتعبثون بسواحل بلاد الهند وقد كثر منهم الفساد هناك، وبلغت عدّة المراكب التى يعبثون فى السواحل نحوا من خمسين مركبا، والأمر إلى الله فى ذلك. - وفيه تغيّر خاطر السلطان على شرف الدين النابلسى الأستادار بسبب انشحات الجامكية، فبطحه بين يديه وضربه نحوا من مائة عصاة. - وفيه تغيّر خاطر السلطان على محمد بن سعيدة المقدّم ذكره الذى كان عوانيّا عند السلطان وينقل له أخبار الناس، وكان حظى عنده بحيث أنه كان يجلس معه على المرتبة ويلعب معه الشطرنج، واشتهر بين الناس بالمرافعة، وهو الذى سعى لقاضى القضاة محيى الدين ابن النقيب فى عوده إلى القضاء، ثم وقع بينه وبين محمد بن سعيدة فطلع ابن النقيب وشكاه إلى السلطان بأنه سبّه وشتمه، فحنق السلطان من محمد بن سعيدة وكان قد طاش فى تلك الأيام إلى الغاية وعادى (١) الناس بسبب مرافعته لهم، وكثر الكلام


(١) وعادى: وعاد.