للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشتراوات الأشرف قايتباى، وولى عدّة وظائف سنية منها شادية الشراب خاناه ثم بقى مقدّم ألف ثم ولى الدوادارية الكبرى بعد الأمير مصر باى فى سنة سبع وتسعمائة، فكانت مدّته فى الدوادارية الكبرى نحوا من ست سنين وخمسة أشهر إلا أياما، فلما تحقّق السلطان موته ضرب الحوطة على موجوده، ورسّم على جماعته وغلمانه ومباشريه وقرّر (١) عليهم مالا له صورة. - وفيه حضر تغرى بردى الترجمان، وكان توجّه إلى بلاد الفرنج وأقام بها نحوا من سنتين، فلما حضر أخلع عليه السلطان وأقرّه على وظيفته. - وفيه ثبت النيل المبارك على ثمانية عشر أصبعا من تسعة عشر ذراعا، وكان فى العام الماضى أرجح من ذلك بثمانية أصابع. - وفيه توفى القاضى جمال الدين الأتميدى أحد نوّاب الحكم الشافعى، وكان لا بأس به.

ومن الحوادث فى هذا الشهر أن شخصا يقال له عمر بن علاى الدين النقيب الحنفى المحلى، وكان خطيبا ببعض الجوامع، فقيل عنه أنه وقع فى حقّ سيّدنا إبراهيم الخليل بكلام فاحش لا ينبغى أن يذكر فضبطوا عليه ذلك، ثم إن بعض القضاة استتوبه وحكم شمس الدين الحليبى بحقن دمه، فلما بلغ السلطان ذلك تعصّب لإبراهيم الخليل وقال ما أرجع حتى أضرب عنق هذا القائل لهذا الكلام، فأمر بعقد مجلس بحضرته وجلس فى الدهيشة وأرسل خلف القضاة الأربعة، فحضر جمال الدين القلقشندى الشافعى وسرىّ الدين عبد البرّ بن الشحنة الحنفى وبرهان الدين الدميرى المالكى والشهاب أحمد بن الشيشينى (٢) الحنبلى، ثم أمر السلطان بإحضار القضاة المنفصلين فحضر شيخ الإسلام زين الدين زكريا الشافعى وحضر برهان الدين ابن أبى شريف الشافعى وبرهان الدين بن الكركى الحنفى وجماعة من مشايخ العلم منهم الشيخ نور الدين المحلى والشيخ عبد الحق السنباطى الشافعى وغير ذلك من المشايخ والعلماء، فلما تكامل المجلس تباحثوا فى هذه المسألة، فقال الشيخ زكريا مذهبنا أن هذا القائل إذا تاب إلى الله تعالى واستغفر تقبل توبته،


(١) وقرر: وقدر.
(٢) بن الشيشينى: أبو لشيشينى.