للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى القاهرة بالزينة بسبب دوران المحمل. - ثم فى يوم السبت عاشره لبسوا الرمّاحة الأحمر على العادة القديمة وطافت المسايرات بالقاهرة. - ثم فى ليلة الاثنين ثانى عشره بات السلطان بالقصر وأحرق تلك الليلة إحراقة نفط بالرملة، وكانت ليلة مشهودة ورأت الناس أشياء كانت قد نسيت، فلما كان يوم الاثنين جلس السلطان فى الخرجاة المطلّة على الرملة وساقوا الرمّاحة قدّامه بالرملة، ثم طافوا بالكسوة الشريفة والمحمل على العادة مرّتين باكر النهار وبعد الظهر كما كان يفعل فيما قبل، فخرجت البنت فى خدرها تتفرّج على المحمل بعد ما كان قد نسى أمره، فجاءت الناس أفواجا من الخانكاه ومن بلبيس وغير ذلك من أماكن شتى بسبب الفرجة على الرمّاحة ودوران المحمل، حتى صنّفوا العوامّ رقصة وهم يقولون:

بيع اللحاف والطراحة … حتى أرى ذى الرماحة

بيع لى لحافى ذى المخمل (١) … حتى أرى شكل المحمل

وخرجت الناس فى القصف والفرجة عن الحدّ، فلما انقضى ذلك اليوم أخلع السلطان على الأمير تمر معلّم الرمّاحة أطلسين، وأخلع على الباشات الأربعة كوامل بصمور ونزلوا إلى دورهم وانقضى أمر المحمل، فعدّ ذلك من محاسن الغورى حيث فرّج الناس على أشياء كانت قد نسيت فجدّدها حتى يصير له بذلك التذكار بين الملوك بعد ما نسى هذا الأمر. - وفى يوم دوران المحمل توفّى الأمير مغلباى صصرق (٢) وكان من أعيان الأشرفية برسباى وكان أميرا جليلا حشما رئيسا لا بأس به، ولكن قاسى شدائد ومحنا ونهب بيته فى وقعة أقبردى الدوادار وقاسى ما لا خير منه.

وفى شعبان قبض قاضى القضاة الشافعى برهان الدين بن أبى شريف المقدسى على محمد بن يوسف الذى كان ناظر الأوقاف فضربه ضربا مبرحا، وأشهره فى القاهرة على حمار وهو عريان مكشوف الرأس لأمر أوجب ذلك، وكان


(١) المخمل: المحمل.
(٢) صصرق: صصرف.