للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البطيخ، فلما قبضوا عليهما وطلعوا بهما إلى القلعة رسم السلطان بتوسيطهما عند سلم المدرج فوسّطوا خاير (١) بك اللاّمى وجانى بك الشامى هناك، ثم رسم السلطان بشنق صاحب البيت الذى وجدوا فيه فشنق على دكّانه وراح ظلما، فكان كما يقال:

من لا تجانسه إحذر تجالسه … فالشمع آفته من صحبة الفتل

وكان أصل جانى [بك] الشامى وخاير بك اللامى من مماليك الأمير أقبردى الدوادار، وكانا يعرفان بالشجاعة والإقدام فى الحرب لا يفزعان من الموت، فلما تسلطن الغورى قبض عليهما وقيّدهما وسجنهما فى البرج التى بالقلعة، فلما كان ليلة وفاء النيل فى عام سنة سبع وتسعمائة تسحّبا من البرج وكسرا قيودهما وقتلا السجّان ونزلا من القلعة وقت الظهر والناس مقيّلة، واستمرّوا فى اختفاء وهما (٢) بالقاهرة، فكان السلطان والأمراء على رؤسهم الطيرة منهما ولا سيما الأمير طراباى، وصار الوالى يكبس البيوت والحارات لأجلهما واستمرّوا على ذلك مدّة طويلة حتى ظفروا بهما، وجرى منهما أمور غريبة فى مدّة اختفائهما حتى قيل أنهما اللذان (٣) قطعا الطريق على حمل الجامكية وهو خارج من حارة زويلة وقد تقدم ذكر ذلك، وكانت الأمراء فى وجل منهما. - ومن الحوادث أن الأمير طقطباى الأستادار حسّن للسلطان أن يبطل المعتدّات التى كانت فى الديوان المفرد، فأضرّ ذلك بحال المقطعين. - وفيه أفرج السلطان عن الشهابى أحمد ناظر الجيش وألبسه خلعة ونزل إلى داره، وكان له نحو من ثلاثة أشهر وهو فى التوكل به فى بيت الأمير طراباى بسبب المصادرة كما تقدّم، فباع أملاكه وغيطه الذى أنشأه بفم الخور، وباع أشياء كثيرة من وقف والده حتى سدّ ذلك القدر الذى قرّر عليه. - وفيه أفرج أيضا عن الناصرى محمد بن خاصّ بك وكان له نحو من ثلاثة أشهر وهو فى الترسيم ببيت الأمير قرقماس أمير سلاح حتى أورد ما قرّر عليه من المال وهو خمسة عشر ألف دينار، وكان فى هذا الأمر مظلوما.


(١) خاير: خير.
(٢) وهما: وهم.
(٣) اللذان: اللذانى - قطعا: قطع.