للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن لا يحرقوه وهو فى التابوت، وكان قصدهم ذلك حقيقة فما قدروا على ذلك.

وواقعة العادل طومان باى تقرب من واقعة الأتابكى تمراز الشمسى وقد تقدم ذكر ذلك.

وكان العادل طومان باى ملكا جليلا مهابا ذا شهامة زائدة وحرمة وافرة، وكان من مبتداه إلى منتهاه وهو فى عزّ وضخامة، لكنه لما ولى السلطنة ظهر منه أمور فاحشة وأخرق فى سفك الدماء وقتل الأمراء، ولو دام فى السلطنة كان يظهر منه أمور شنيعة ويقتل غالب الأمراء، وكان عنده مكر وخداع لكنه كان يظهر العدل فى بعض الأمور، وكان محببا للناس ولا سيما طائفة العوام، وقد تقدم ما أوردناه من أخباره، وما ولى من الوظائف السنية، وما وقع منه من الأمور فى تغيير الدول، وما فعل بالملك الناصر والظاهر قانصوه والأشرف جانبلاط وغير ذلك من الأمراء، وقد قلت فى ذلك:

العادل السلطان لا تعجب له … فيما جرى منه بتغيير (١) الدول

أعماله ردّت عليه بما جنى … والدهر قد جازاه من جنس العمل

وكانت مدة اختفائه من حين تسحّب من القلعة ليلة عيد الفطر إلى حين قبض عليه اثنين وأربعين يوما، فلما قبضوا عليه وجدوا شعر رأسه قد طال حتى صار كفروة الغنم، وكانت الناس فى مدة اختفائه فى جمرة نار من هجم البيوت وكبس الحارات وقاسوا غاية المشقة بسبب ذلك حتى ظهر، وكانت واقعته من النوادر الغريبة فكانت تقرب واقعته واقعة الملك العزيز يوسف بن الأشرف برسباى لما اختفى وحصل للناس الضرر بسببه. قيل لما قتل العادل تخلّقوا بدمه عيال خوند أمّ الناصر وأظهروا الفرح والسرور فى ذلك اليوم، وكانت معذورة فيما فعلت فإنه قتل ابنها الناصر وسجن أخاها الظاهر قانصوه وقتل زوجها الأشرف جان بلاط. وعدّ قتل العادل من جملة سعد الغورى،


(١) بتغيير: التغيير.