للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثانية، وقرّر القاضى عبد القادر القصروى فى نظر الجيش، وصرف عنها الشهابى أحمد بن ناظر الخاص. - وفيه رسم السلطان برمّ ما فسد من حيطان مدرسة السلطان حسن فى مدّة محاصرة القلعة، فرمّ ذلك جميعه. - وفيه توفى الشرفى يونس بن محمد ابن أينبك أحد الزردكاشية، وكان لا بأس به.

وفى رجب، فى ليلة الخميس مستهلّه، جرى من الحوادث الغريبة أن الأتابكى قصروه طلع إلى القلعة ليبات عند السلطان، وكان يبات بالقلعة ليلة الاثنين وليلة الخميس فى تلك الأيام، فلما طلع على جارى العادة، وأكل السماط مع السلطان، وجلسوا ساعة يتحدّثون، فقال له السلطان: والله قلبى خائف منك يا أمير كبير، فلما صلّى العشاء مع السلطان أمر بعض الخاصكية بالقبض عليه، فأقاموه من مجلس السلطان، وتوجّهوا به إلى المكان الذى أنشأه الظاهر قانصوه بجوار الدهيشة، فأقام هناك أياما، ثم أمر بخنقه فخنق تحت الليل، وغسل وكفن وأنزلوه من باب الدرفيل، فدفن فى تربة الصاحب خشقدم الزمام التى بالقرب من حوش العرب.

وكان قصروه أميرا جليلا مهابا مبجّلا، وأصله من مماليك الأشرف قايتباى، وتولّى عدّة وظائف سنية، منها: نيابة حلب، ونيابة الشام، والأتابكية بمصر، وكان فى أيام العادل هو الآمر والناهى فى الموكب، وإذا نزل من القلعة تتوجّه معه الأمراء إلى الأزبكية، ويقام له هناك مواكب تفوق على موكب السلطان، ثم إنه صنع وليمة حافلة بالأزبكية، وجمع قرّاء البلد والوعاط، وعزم على سائر الأمراء، وعمل أسمطة حافلة جدا، وحضر عنده أكابر الأمراء وأصاغرهم وباتوا عنده، وأنعم فى تلك الليلة على جماعة من الأمراء بخيول ومال حتى استمال قلوبهم، وكان يوصف بالكرم الزائد مع شجاعته، فأوعد العسكر بكل جميل فمالوا إليه، وعوّلوا فى السلطنة عليه، فلما بلغ العادل ذلك المجلس استغنم الفرصة وبادر بالقبض عليه، وخنقه تحت الليل ودفنه، فكان كما يقال فى الأمثال:

وانتهز الفرصة إن الفرصة … تصير إن لم تنتهزها غصّة