للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خرج من الشام، هو وقصروه نائب الشام، ودولات باى نائب حلب، وجماعة من النواب، والتفّ عليهم الجمّ الغفير من عسكر الشام وعربان جبل نابلس والعشير وغير ذلك، وقد وصل إلى غزّة.

فلما تحقّق السلطان ذلك علّق الصنجق السلطانى على باب السلسلة، ونادى للعسكر بأن الطائع يطلع إلى القلعة ومعه آلة السلاح، وأن سائر الأمراء تطلع إلى القلعة؛ ثم رسم لأقارب الخليفة بأن يطلعوا عنده إلى القلعة كبارهم وصغارهم، ثم رسم لقاضى القضاة بأن يطلعوا إلى القلعة، وكذلك سائر المباشرين من أرباب الوظائف يطلعوا إلى القلعة أجمعين، فامتثلوا ذلك وطلعوا إلى القلعة وأقاموا بها، واحتاط فى الأمور بكل ما يمكن، ولم يفد من ذلك شئ، فكان كما يقال:

إذا لم يكن عون من الله للفتى … فأوّل ما يجنى عليه اجتهاده

فلما كان يوم الخميس تاسعه وصل العادل بمن معه من العساكر إلى خانقاة سرياقوس، ودخل أوائل عسكره إلى القاهرة، فماجت المدينة واضطربت، وقلق الأشرف جان بلاط وضاقت عليه الدنيا بما رحبت، فكان كما قيل فى المعنى:

قد كان يرجف فى ليالى وصله … قلب فكيف يكون عند صدوده

ثم جاءت الأخبار بوصول عسكر العادل إلى المطرية، فخرج إليه بعض المماليك السلطانية واتقعوا معهم هناك قتال هيّن، ففرّ منهم أزبك النصرانى ودخل تحت طاعة العادل وقبّل له الأرض، فأخلع عليه العادل هناك وقرّره والى الشرطة بالقاهرة؛ ثم إن بعض المماليك توجّه إلى بيت العادل الذى كان ساكنا به، وهو بيت الظاهر تمربغا الذى عند سوق السلاح بالقبو، فأحرقوا مقعده ومبيته ونهبوا منهم بعض أثاث.

فلما كان يوم السبت حادى عشره كان دخول العادل طومان باى إلى القاهرة، فدخل من باب الفتوح ورفع على رأسه صنجق خليفىّ، وكان معه من الأمراء: قانى باى قرا الرماح أمير آخور كبير، والأمير قانصوه الغورى رأس نوبة النوب، وقد تقرّر فى الدوادارية الكبرى بدمشق، والأمير قيت الرجبى حاجب الحجاب،