للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أمره ما سنذكره فى موضعه. - فلما كان يوم الخميس ثانى عشره أخلع السلطان على صلاح الدين بن يحيى بن شاكر بن الجيعان وقرّره فى كتابة السرّ، عوضا عن بدر الدين بن مزهر بحكم صرفه عنها، وهذه آخر ولايته لكتابة السرّ ولم يعد إليها بدر الدين بعد ذلك. - وفى ليلة الجمعة ثالث عشره خسف جرم القمر خسوفا تامّا، وأقام فى الخسوف إلى قريب التسبيح، وغروب وهو مكسوف.

وفيه توفى القاضى جلال الدين بن الأمانة أحد أعيان نواب الشافعية، وهو عبد الرحمن بن محمد بن عبد العزيز، وكان عالما فاضلا رئيسا حشما، فاته منصب القضاة غير ما مرة، وهو آخر من يروى صحيح مسلم عن الزينى الزركشى بالسماع، وكان قد طعن فى السنّ وقارب التسعين من العمر. - وفيه نودى من قبل السلطان بإبطال ما تجدّد من المكوس، والمظالم الحادثة من بعد موت الأشرف قايتباى. - وفيه عاد تمرباى خازندار الأمير طومان باى الدوادار، وكان قد توجّه إلى قصروه نائب الشام ليمشى بينه وبين السلطان بالصلح، فلم يوافق قصروه على ذلك. - وفيه توفى أصباى الأشرفى قايتباى وكان أحد الدوادارية، وكان لا بأس به.

وفى جمادى الأولى، فى يوم الاثنين خامسه، وصل هجان من الشام، وعلى يده مكاتبات إلى تمر باى دوادار طومان باى ليفرّقها على الأمراء، فكان من مضمونها أنه قد تسلطن بالشام، وتلقّب بالملك العادل، فاستفاض هذا الكلام بين الناس وفشا؛ فلما فرّق تمرباى المكاتبات على الأمراء، فخاف على نفسه، ففرّ تحت الليل وستر الله عليه حتى خرج من القاهرة.

ثم بعد أيام جاءت الأخبار مفصّلة بصحّة ما جرى، وهو أن العسكر لما وصل إلى الشام نزل فى مكان يسمّى سعسع بالقرب من دمشق، فركب قصروه نائب الشام فى نفر قليل من عسكره وأظهر أنه طائع، فاطمأن إليه العسكر، وكان غالب الأمراء خشداشينه، فلما حضر إليهم دخل هو وإياهم إلى الشام واجتمعوا فى القصر الأبلق الذى هناك بالميدان، وحضر قصروه نائب الشام [وذكروا له أن يطلع إلى القلعة ويقرأ مراسيم السلطان، فطلع وطلعوا الأمراء إلى القلعة، فعند ذلك] (١) قرأوا عليه مراسيم


(١) وذكروا … فعند ذلك: نقلا عن ف، وينقص فى الأصل.