للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طرابلس إلى نيابة حلب، عوضا عن قصروه المنتقل إلى نيابة الشام؛ وقرر يلباى المؤيدى فى نيابة طرابلس، عوضا عن دولات باى المنتقل إلى نيابة حلب، وأضيف إلى يلباى حجوبية طرابلس أيضا مع النيابة.

وفيه دخلت مسرى من الشهور القيطية، فكانت زيادة النيل فى ثالث مسرى ثلاثين أصبعا، وفى الرابع منها أربعين أصبعا، وفى الخامس منها عشرين أصبعا، فأوفى الله فى خامس مسرى، وكسر فى اليوم السادس منها، الموافق لحادى عشرين ذى الحجة، فرسم السلطان للأمير طومان باى الدوادار الكبير بأن يتوجّه ويفتح السدّ، وكانت الأتابكية شاغرة من حين توفى الأتابكى أزبك، وكانت الأمراء غائبين فى التجريدة التى توجّهت بسبب آقبردى، فلم يكن بمصر أكبر من الأمير طومان باى يومئذ، فتوجّه إلى المقياس فى الحراقة، فخلّق العمود ورجع إلى فتح السدّ، فأظهر فى ذلك اليوم غاية ما يكون من العظمة، وفرّق المجامع الحلوى والمشنات الفاكهة، والبطيخ الصيفى، ونشرت على رأسه خفائف الذهب والفضة عند السدّ لما ركب من هناك، وكان ذلك اليوم من الأيام المشهودة، وكان نيلا عظيما فى تلك السنة، وثبت إلى أواخر بابه، وترادفت الزيادة بالأصابع، فكان كما يقال:

وفّت أصابع نيلنا … وطغت وطافت فى البلاد

وأتت بكل مسرة … ما ذى أصابع ذى أيادى

وقد قال القائل فى المعنى:

قد وفا النيل خامسا شهر مسرى … فملا بشره قلوب العباد

جاء فى عزمه وأوفى سريعا … كحبيب أتى بلا ميعاد

وفى هذا الشهر دخلت الأمراء الذين كانوا توجّهوا إلى التجريدة بسبب قتال آقبردى، فحضر الأمراء المقدّم ذكرهم، وحضر صحبتهم من كان مع آقبردى مشتتا فى البلاد الشامية، جماعة من الأمراء العشرات، منهم أسنباى الأصم، ونوروز أخو يشبك الدوادار، وجانم آقجى الإبراهيمى، وآخرون من الخاصكية ممن كان من عصبة آقبردى الدوادار، فأقاموا بالقاهرة مدّة يسيرة، ثم عادوا إلى البلاد الشامية.